للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

رابعها: قَالَ القرطبي: وقوله: ("ورثتك") دلالة على أنه كان له ورثة غير الابنة المذكورة (١). قلتُ: ليس صريحًا فيه.

خامسها: جاء في "الصحيح": أخلف بعد أصحابي (٢). أي: أخلف بمكة بعد أصحابي المهاجرين المنصرفين معك. قاله أبو عمر. قَالَ: ويحتمل أن يكون لما سمع الشارع يقول: "إنك لن تنفق نفقة" وتنفق: فعل مستقبل، أيقن أنه لا يموت من مرضه ذاك أو ظنه فاستفهمه، هل يبقى بعد أصحابه؟ فأجابه بضرب من قوله: "لن تنفق نفقة تبتفي بها وجه الله".

وقوله: ("إِنَّكَ لَنْ تُخَلَّفَ فَتَعْمَلَ عَمَلًا .. ") إلى آخره (٣). وقال القرطبي: هذا الاستفهام إنما صدر من سعد مخافة المقام بمكة إلى الوفاة فيكون قادحًا في هجرته، كما جاء في بعض الروايات: خشيت أن أموت بالأرض التي هاجرت منها. فأجابه - صلى الله عليه وسلم - بأن ذلك لا يكون وإن طال عمره (٤). وقال القاضي عياض: حكم الهجرة باق بعد الفتح لهذا الحديث (٥).

وقيل: إنما كان ذلك لمن كان هاجر قبل الفتح، فأما من هاجر بعده فلا، وأبعد من قَالَ: إن وجوب الهجرة واستدامتها قد ارتفع يوم الفتح، وإنما لزم المهاجرون المقام بالمدينة بعد الهجرة؛ لنصرته - صلى الله عليه وسلم - والأخذ


(١) "المفهم" ٤/ ٥٤٥.
(٢) سيأتي برقم (٣٩٣٦) كتاب: مناقب الأنصار، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم أمض لأصحابي هجرتهم".
(٣) "التمهيد" ٨/ ٣٨٧.
(٤) "المفهم" ٤/ ٥٤٧.
(٥) "إكمال المعلم" ٥/ ٣٦٥.