عنه، فلما مات ارتحل أكثرهم عنها، وتأولوا بما تقدم؛ لأن ذلك إنما كان مخافة نقص أجورهم، وقد يجاب بأن خروجهم لأجل الجهاد وإظهار الدين.
وقيل: لا يحبط أجر هجرة المهاجر بقاؤه بمكة -شرفها الله- إذا كان لضرورة دون الاختيار، وقال قوم: المهاجر بمكة يحبط هجرته كيفما كان.
وقيل: لم تفرض الهجرة إلا على أهل مكة خاصة. وقال القرطبي: من نقض الهجرة خاف المهاجرون حيث تحرجوا من مقامهم بمكة -شرفها الله- في حجة الوداع، وهذا هو الذي نقمه الحجاج على أبي ذر لما ترك المدينة ونزل الربذة وقال: تغربت يا أبا ذر، فأجابه بأن قَالَ: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - أذن لي في البدو (١). انتهى.
وقوله:(أبو ذر). صوابه سلمة بن الأكوع، فإن أبا ذر مات قبل أن يولد الحجاج بدهر، وعلى تقدير صحته فنزول الربذة لا يقدح؛ لأنه لم يهاجر منها.