للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وليس يريد: (أنظر من شق الباب) بالكسر؛ لأن الشق: الناحية ولم يرد ذلك، وكون نساء جعفر لم يطعن الناهي؛ إما لأنهن لم يصرح لهن بنهي الشارع، فظنن أنه كالمحتسب في ذلك؛ أو لأنهن غلبن على أنفسهن لحرارة المصيبة.

وقوله: ("فاحث") روي بكثر الثاء وضمها؛ لأنه من حثى يحثي ويحثو (١). وتأوله بعضهم على أن البكاء كان معه نوح، فلذلك نهاهن.

وقال بعضهم: كان من غير نوح؛ لأنه يبعد أن الصحابيات يتمادين على محرم، والنهي عن البكاء المجرد للتنزيه أو للأدب لا للتحريم.

والعناء -بالمد- المشقة والتعب. وللعذري عند مسلم: من الغي -بغين معجمة وياء مشددة- وهو ضد الرشد. وللطبري مثله إلا أنه بالعين المهملة المفتوحة، ولبعضهم بكسرها وكلاهما وهم، والصواب الأول، ولم ترد عائشة الاعتراض على رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، وإنما أرادت: إنك لا تقدر على فعل ما أمرك به، وما تركته من التعب. قَالَ القرطبي: ولم يكن أمره للرجل بذلك ليفعله بهن، ولكن على طريق أن هذا يسكنهن إن فعلته، فافعله إن أمكنك وهو لا يمكنك. وفيه دليل على أن المنهي عن المنكر إن لم ينته عوقب وأدب إن أمكن (٢).

وقوله: (جلس يعرف فيه الحزن)، إنما هو لما جعل الله تعالى فيه من الرحمة بأمته وحزن عليهم؛ لأنهم أئمة المسلمين، وهذا الحديث أسهل ما جاء في معنى البكاء (٣).


(١) انظر: "الفائق في غريب الحديث" ١/ ٢٦٠.
(٢) "المفهم" ٢/ ٥٨٩.
(٣) ورد بهامش الأصل: ثم بلغ خامسًا كتبه مؤلفه غفر الله له.