للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بعضهم بعضًا بدمع العين، وبحزن القلب، وليس ذلك من الجزع، إنما الجزع ما كان من اللسان واليد، الحمد لله الذي لم يجعل بكاء يعقوب على يوسف وبالًا عليه، وقد بكى عليه حَتَّى ابيضت عيناه من الحزن (١).

وقال يحيى بن سعيد: قلتُ لعروة: إن ابن عمر يشدد في البكاء على الميت، فقال: قد بكى على أبيه، وبكى أبو وائل في جنازة خيثمة.

فهؤلاء معالم الدين لم يروا إظهار الوجد على المصيبة بجوارح الجسم إذا لم يتجاوزوا فيه المحظور خروجًا من معنى الصبر، ولا دخولًا في معنى الجزع، وقد بكى الشارع على ابنته زينب (٢)، وعلى ابنه إبراهيم وفاضت عيناه، وقالِ: "هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده" (٣). وبكى لفقد جلة الإسلام وفضلاء الصحابة، فإذا كان الإمام المتبع به نرجو الخلاص من ربنا، وكان قد حزن بالمصيبة وأظهر ذلك بجوارحه ودمعه، وأخبر أن ذلك رحمة جعلها الله في قلوب عباده، فقد صح قول من وافق ذلك وسقط ما خالفه.


(١) رواه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" ٧/ ١٧٨، والبيهقي في "الشعب" ٧/ ٢٤٢ - ٢٤٣ (١٠١٦٦) باب: في الصبر على المصائب.
(٢) سلف ما يدل على ذلك برقم (١٢٨٥) كتاب: الجنائز، باب: يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: يعذب الميت ببعض بكاء أهله عليه.
(٣) سيأتي برقم (١٣٠٣) باب: قول النبي: "إنا بك لمحزونون".