للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

{صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ} وهي الغفران والثناء الحسن، ومنه الصلاة على الميت إنما في الدعاء.

وقوله: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ} [البقرة: ١٤٥] في الصبر قولان:

أحدهما: الصوم، قاله مجاهد (١).

والثاني: عن المعاصي. والصلاة أي: عند المصائب، كما قَالَ ابن عباس: إنها الاستعانة بالصلاة عند المصائب. فكان إذا دهمه أمر صلى (٢). قَالَ علي: الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد (٣).

والضمير في قوله: {وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ} [البقرة: ٤٥] إما عائد إلى الصلاة أو إن فعلتم ذلك، والخاشعون: المؤمنون حقًّا. والخشوع: التواضع، والمؤمن حقًّا متواضع.

وإنما كان الصبر عند الصدمة الأولى؛ لأنها أعظم حرارة وأشد مضاضة، يريد أن الصبر المحمود عليه صاحبه ما كان عند مفاجأة المصيبة؛ لأنه يسلو على مر الأيام، فيصير الصبر طبعًا، وقد قَالَ بعض الحكماء: لا يؤجر الإنسان على مصيبة في نفسٍ أو مال لأجل ذاتها، فإن ذلك طبع لا صنع له فيه، وقد يصيب الكافر مثله فيصبر، وإنما يؤجر على قدر نيته واحتسابه. فإن قلت: قد علمت أن العبد منهي عن الهجر، وتسخط قضاء الرب في كل حال، فما وجه خصوص نزول النائبة بالصبر في حال حدوثها؟ قيل: وجه خصوص


(١) ذكره ابن كثير في "تفسيره" ١/ ٣٨٧.
(٢) ذكره ابن كثير في "تفسيره" ١/ ٣٩٠.
(٣) رواه ابن أبي شيبة ٦/ ١٧٢ (٣٠٤٣٠) كتاب: الإيمان والرؤيا، باب: ما ذكر فيما يطوى عليه المؤمن من الخلال.