للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وحديث أم عطية: أَخَذَ عَلَيْنَا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عِنْدَ البَيْعَةِ أَنْ لَا نَنُوحَ، فَمَا وَفَتْ مِنَّا امْرَأَةٌ غَيْرَ خَمْسِ نِسْوَةٍ: أُمِّ سُلَيْمٍ، وَأُمِّ العَلَاءِ، (وَابْنَةِ أَبِي) (١) سَبْرَةَ امْرَأَةِ مُعَاذٍ، (وَامْرَأَتَيْنِ) (٢). أَوِ ابنةِ أَبِي سَبْرَةَ وَامْرَأَةِ مُعَاذٍ وَامْرَأَةٍ أخْرى.

وهذا الحديث أخرجه مسلم أيضًا (٣)، وقد أسلفنا معنى هذا الباب، وأن النوح والبكاء على سنة الجاهلية حرام، قد نسخه الإسلام، ألا ترى أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يشترط على النساء في بيعة الإسلام أن لا يَنُحن؛ تأكيدًا للنهي؛ وتحذيرًا منه، وفيه: أنه من نهي عما لا ينبغي له ففعله ولم ينته أنه يؤدب على ذلك ويزجر، ألا ترى إلى قوله: "فَاحْثُ فِي أَفْوَاهِهِنَّ التُّرَابَ" حين انصرف المرة الثالثة، وقال: إنهن غلبننا. وهذا يدل على أن بكاء نساء جعفر وزيد الذي نهين عنه لم يكن من النوح المحرم؛ لأنه لو كان محرمًا لزجرهن حَتَّى ينتهين عنه. ولا يؤمن على النساء عند بكائهن الهائج لهن أن يضعف صبرهن فيصلن به نوحًا محرمًا، فلذلك نهاهن قطعًا للذريعة.

وفيه من الفقه:

أن للعالم أن ينهى عن المباح إذا اتصل به فعل محذور أو خيف معه، فمن يرتع حول الحمى يوشك أن يقع فيه، وهذا الحديث يدل أن قوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث السالف: "فإذا وجبت فلا تبكين باكية" (٤) على الندب جمعًا بين الأحاديث، فقد قال: "لكن حمزة لا بواكي


(١) في الأصل: وابنة ابن أبي، والمثبت من اليونينية.
(٢) في الأصل: امرأتان، والمثبت من اليونينية.
(٣) "صحيح مسلم" (٩٣٦) كتاب: الجنائز، باب: التشديد في النياحة.
(٤) سبق تخريجه.