للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الحديبية كتب: "بسم الله الرحمن الرحيم، هدا ما صالح عليه محمد رسول الله سهيل بن عمرو" (١) فلولا نَسْخُه لما تركه، وهذا بعيد، وأي دليل دلنا عَلَى النسخ فقد يكون الترك لبيان الجواز.

سابعها: إنما تركه لأنه راعى قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [الحجرات: ١]. فلم يقدم بين يدي الله ولا رسوله شيئًا، وابتدأ بكلام رسوله عوضًا عن كلام نفسه (٢)، وانضم إلى ذَلِكَ ما سلف أنه - صلى الله عليه وسلم - خطب به عند قدومه المدينة، وخطب به عمر أيضًا، فجعله البخاري خطبة لكتابه (٣).

فإن قُلْتَ: فقد قدم الترجمة فالجواب: أنها وإن تقدمت لفظًا فهي كالمتأخرة تقديرًا؛ لتقدم الدليل على مدلوله وضعًا وفي حكم التبع، وبهذا يندفع سؤال آخر وهو: لم قدم السند عَلَى المتن؟

الأمر الثالث: إن قُلْتَ: لِمَ لَمْ يبتدئ البخاري -رحمه الله- بخطبة في أول "صحيحه" كما فعله مسلم رحمه الله؟ قُلْتُ: لأنه خطب بالحديث للتأسي كما سلف، ونعم السلف.

الرابع: سألني بعض الفضلاء في الدرس عن السر في ابتداء البخاري بهذا الحديث مختصرًا كما سلف عند إيراده، (ولِمَ لَمْ يذكره) (٤)


(١) رواه مسلم (١٧٨٤) كتاب: الجهاد والسير، باب: صلح الحديبية في الحديبية، من حديث أنس.
(٢) قال العيني في "عمدة القاري" ١/ ١٣: الآتي بالتحميد ليس بمقدم شيئا أجنبيًّا بين يدي الله ورسوله، وإنما هو ذكره بثنائه الجميل لأجل التعظيم على أنه مقدم بالترجمة وبسوق السند، وهو من كلام نفسه، فالعجب أن يكون بالتحميد الذي هو تعظيم الله تعالى مقدما ولا يكون بالكلام الأجنبي. اهـ.
(٣) ورد في هامش (ف): بلغ مقابلة بحمد الله وعونه.
(٤) في (ف): ولم لا ذكره، ولعل الصواب ما أثبتناه لمناسبة السياق.