للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

موته بالتيه، وسؤاله الدنو منه ولم يسأل نفس البيت؛ لأنه خاف أن يكون قبره مشهورًا فيفتتن به الناس، كما أخبر الشارع أن اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (١)، وسؤاله الدنو منها؛ لفضل من دفن في الأرض المقدسة من الأنبياء والصالحين، فاستحب مجاورتهم في الممات كما في الحياة؛ ولأن الفضلاء يقصدون المواضع الفاضلة ويزورون قبورها ويدعون لأهلها، وقال المهلب: إنما سأل الدنو منها؛ ليسهل على نفسه؛ ويسقط عنها المشقة التي تكون على من هو بعيد منها وصعوبته عند البعث والحشر، ومعنى بعده منها برمية حجر؛ ليُعْمَى قبره كما سلف.

وقوله: "لو كنت ثَمَّ" هو اسم إشارة، وهو مفتوح الثاء، ولما عُرج بنبينا - صلى الله عليه وسلم - رأى موسى قائمًا يصلي في قبره (٢).

وذكر ابن حبان في "صحيحه" أن قبر موسى بمدين بين المدينة وبين بيت المقدس (٣)، واعترض أيضًا محمد بن عبد الواحد في كتابه: "علل أحاديث في هذا الصحيح" فقال: قوله: بمدين فيه نظر؛ لأن مدين ليست قريبة من القدس ولا من الأرض المقدسة (٤).


(١) سبق ما يدل على ذلك برقم (١٣٣٠) كتاب: الجنائز، باب: ما يكره من اتخاذ المساجد على القبور، ورواه مسلم برقم (٥٢٩) كتاب: المساجد، باب: النهي عن بناء المساجد على القبور، كلاهما عن عائشة رضي الله عنها.
(٢) رواه مسلم (٢٣٧٥) كتاب: الفضائل، باب: من فضائل موسى - عليه السلام -.
(٣) "صحيح ابن حبان" ١/ ٢٤٢ - ٢٤٣ (٥٠).
(٤) مَدْيَن: هي مدينة شعيب - عليه السلام -، بين وادي القرى والشام، قاله الحازمي. وقيل: مدين تجاه تبوك بين المدينة والشام على ست مراحل وبها استقى موسى - عليه السلام -.
وقال البكري: مدين: بلد بالشام معلوم تلقاء غزة، انظر: "معجم ما استعجم" ٤/ ١٢٠١، "معجم البلدان" ٥/ ٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>