للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقول إسحاق في هذا الباب لا يرضاه حذاق الفقهاء من أهل السنة، وإنما هو قول المجبرة.

وقال آخرون: معناها ما أخذه الله تعالى من الميثاق على الذرية،

فأقروا جميعًا له بالربوبية عن معرفة منهم به، ثم أخرجهم من أصلاب آبائهم مطبوعين على تلك المعرفة وذلك الإقرار، قالوا: وليست تلك المعرفة والإقرار بإيمان، ولكنه إقرار من الطبيعة للرب فطرة ألزمها قلوبهم، ثم أرسل إليهم الرسل فدعوهم إلى الاعتراف له بالربوبية والخشوع تصديقًا لما جاءت به الرسل، فمنهم من أنكر وجحد بعد المعرفة وهو به عارف؛ لأنه لم يكن الله ليدعو خلقه إلى الإيمان بما لا يعرفون، وتصديق ذلك قوله جل وعلا: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللهُ} [الزخرف: ٨٧].

وقال آخرون: الفطرة: ما يقلِّب الله قلوب الخلق إليه بما يريد ويشاء، واحتجوا بحديث أبي سعيد السالف: "إن بني آدم خلقوا على طبقات"، فالفطرة عند هؤلاء ما قضاه الله وقدره لعباده من أول أحوالهم إلى آخرها، كل ذلك عندهم فطرة.

قَالَ أبو عمر: وهذا القول وإن كان صحيحًا في الأصل، فإنه أضعف الأقاويل من جهة اللغة في معنى الفطرة (١).

فصل:

وقوله: ("فَأبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ ويُنصَّرَانِهِ ويُمَجَّسَانِهِ"). يريد أنهما يعلمانه ما هما عليه ويصرفانه عن الفطرة، ويحتمل أن يكون المراد: يرغبانه في ذلك، أو أن كونه تبعًا لهما في الدين بولادته على فراشهما، يوجب أن


(١) "التمهيد" ٦/ ٣٥٧ - ٣٦٠، ٣٦٢ - ٣٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>