للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ ابن بطال: أجمع الفقهاء وأهل السنة أن من قتل نفسه لا يخرج بذلك من الإسلام، وأنه يصلى عليه وإثمه عليه ويدفن في مقابر المسلمين، ولم يكره الصلاة عليه إلا عمر بن عبد العزيز والأوزاعي في خاصة أنفسهما، والصواب: قول الجماعة؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - بين الصلاة على المسلمين، ولم يستثن منهم أحدًا فيصلى على جميعهم: الأخيار والأشرار، إلا الشهداء الذين أكرمهم الله بالشهادة (١).

ولعل هذا هو الداعي للبخاري على التبويب هنا. نعم يكره للإمام وأهل الفضل أن يصلوا عليه، وكذا كل كبيرة لا تخرج من الإيمان ردعًا لهم وزجرًا، فلم يصل الشارع على قاتل نفسه بمشاقص، والمقتول في الفئة الباغية يغسل ويصلى عليه خلافًا لأبي حنيفة (٢).

وقال ابن عبد الحكم: الإمام إن شاء صلى على من رجمه في حد، فإنه - صلى الله عليه وسلم - صلى على ماعز والغامدية (٣).

وروي أنه لم يصل على ماعز ولم ينه عن الصلاة عليه (٤).

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: ("بدرني عَبْدِي بنفسِهِ، حَرَّمْتُ عَلَيْهِ الجَنَّةَ") وسائر الأحاديث محملها عند العلماء في وقت دون وقت إن أراد الله أن


(١) "شرح ابن بطال" ٣/ ٣٤٩.
(٢) انظر: "تحفة الفقهاء" ١/ ٢٤٨ - ٢٤٩، "الاختيار" ١/ ١٢٩.
(٣) انظر: "الذخيرة" ٢/ ٤٦٩.
(٤) رواه أبو داود (٣١٨٦) كتاب: الجنائز، باب: الصلاة على من قتلته الحدود، والبيهقي ٤/ ١٩ كتاب: الجنائز، باب: الصلاة على من قتلته الحدود، وابن الجوزي في "التحقيق في أحاديث الخلاف" ٢/ ١٧ (٩٠٤) كلهم من حديث أبي برزة الأسلمي، وقال ابن الجوزي معلقًا عليه: والجواب أن هذا الحديث يرويه مجاهيل، ثم لو صح فصلاته على تلك المرأة كانت بعد ذلك؛ لأن أول مرجوم كان ماعزًا، ولهذا قالت له: تريد أن تردني كما رددت ماعزًا. وقال الألباني في "صحيح أبي داود": حسن صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>