للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رابعها: إن الله يبعثهم ومن مات في الفترة، والصم والبكم والمجانين، وتؤجج لهم نار، ثم يُبعث إليهم رسول، يأمرهم باقتحامها فمن علم الله أنه لو وهبه عقلًا في الدنيا أطاعه، دخلها ولا تضره ويدخل الجنة، ومن علم أنه لو وهبه عقلًا لم يدخلها فيدخل النار. قَالَ ابن بطال: هو قول لا يصح؛ لأن الآثار الواردة بذلك ضعيفة لا تقوم بها حجة (١).

وقَالَ الداودي: وهذا لا يصح في العقل والاعتبار لقوله تعالى: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ} [التوبة: ١١٣] الآية.

فجعلهم من أصحاب الجحيم، ولو كان لهم موضع يرجى لهم فيه، لم ينه عن الاستغفار لهم، وهذا الاستدلال غير صحيح، كما قَالَ ابن التين؛ لأنه إنما نُهي عن الاستغفار لعبد الله بن أُبي، ومن هو مثله، ولم ينه عن الاستغفار لولدانهم.

خامسها: الوقف في أمرهم؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "الله أعلم بما كانوا عاملين". ونقل ابن بطال عن أكثر العلماء أنهم في المشيئة، وتأولوا قوله تعالى: {إِلَّا أَصْحَابَ اليَمِينِ (٣٩)} [المدثر: ٣٩] أنهم أطفال المؤمنين، وقيل: هم أصحاب الملائكة. وقد رتب بعض العلماء هذِه الأحاديث الأربعة بحيث لا يختلف منها حديث مع الآخر. فقال: أصلها حديث التأجيج. قَالَ: فمن دخل النار كان من خدمة أهل الجنة، وكان الله أعلم بما سيعمل لو أحياه حين يبلغ التكليف، وإن لم يدخلها كان في النار (٢)، وهو الحديث الآخر: "هم من آبائهم".


(١) "شرح ابن بطال" ٣/ ٣٧٤.
(٢) "شرح ابن بطال" ٣/ ٣٧٣ - ٣٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>