للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فتتفق هذِه الأحاديث الأربعة (١).

وقوله: "اللهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ" أخبر بعلم الشيء لو وجد كيف يكون، مثل قوله: {وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا} [الأنعام: ٢٨] ولم يرد أنهم يجازون بذلك في الآخرة؛ لأن المرء لا يجازى بما لا يفعل، ولا خلاف أن من نوى شرب خمر ولم يفعل أنه لا يقام عليه بذلك حكم، فالصغير أبين؛ لأنه لم يكن منه فعل شيء، وكذلك أولاد المسلمين، ("الله أعلم بما يعملون لو عاشوا") (٢). وعن ابن القاسم في ولد المسلم يولد مخبولًا، أو يصيبه ذلك قبل بلوغه قَالَ: ما سمعت فيه شيئًا، غير أن الله تعالى قَالَ: (والذين آمنوا وأتبعناهم ذرياتهم) (٣) الآية [الطور: ٢١] فأرجو أن يكونوا معهم.


(١) قال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله -: إذا مات غير المكلف بين والدين كافرين فحكمه حكمهما في أحكام الدنيا فلا يغسل ولا يصلى عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين، أما في الآخرة فأمره إلى الله سبحانه، وقد صح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه لما سئل عن أولاد المشركين قال: "الله أعلم بما كانوا عاملين ".
وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن علم الله سبحانه فيهم يظهر يوم القيامة وأنهم يمتحنون كما يمتحن أهل الفترة ونحوهم فإن أجابوا إلى ما يطلب منهم دخلوا الجنة وإن عصوا دخلوا النار. وقد صحت الأحاديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في امتحان أهل الفترة يوم القيامة. وهم الذين لم تبلغهم دعوة الرسل ومن كان في حكمهم كأطفال المشركين لقول الله -عز وجل-: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء: ١٥] وهذا القول هو أصح الأقوال في أهل الفترة ونحوهم ممن لم تبلغهم الدعوة الإلهية وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه العلامة ابن القيم وجماعة من السلف والخلف رحمة الله عليهم جميعًا، وقد بسط العلامة ابن القيم رحمه الله الكلام في حكم أولاد المشركين وأهل الفترة في آخر كتابه "طريق الهجرتين" تحت عنوان طبقات المكلفين. "مجموع فتاوى ومقالات متنوعة" ٣/ ١٦٣ - ١٦٤.
(٢) في الأصل: تقديم: (أعلم) على: (الله).
(٣) هذِه قراءة أبي عمرو.

<<  <  ج: ص:  >  >>