للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ويومها من حديث عمرو بن العاصي مرفوعًا: "مَنْ ماتَ يومَ الجمعةِ أو ليلتها وقاه الله فتَّان القَبْرِ" (١) وقال أبو عبيدة بن عقبة: من مات يوم الجمعة أمن فتنة القبر. فقال القاسم بن محمد: صدق أبو عبيدة.

واستفهام الصديق إنما هو ليتثبت، ولم يكن ليخفي عنه يوم وفاته، وقد يحتمل أن لا يعلم ما كفن فيه؛ لأن قومه ولوا أمره، ويحتمل أن يفعله أيضًا ليتثبت، ورجاء أن يتوفي في يوم وفاة الرسول؛ لفضل ذلك اليوم، فقبضه الله تعالى في الليلة التي تليه؛ لأنه تال لرسوله.

قَالَ علي: سبق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصلى أبو بكر وصلى عمر.

ولا زال التبرك بالسلف مطلوب، وموافقتهم في المحيا والممات مرغوب، وقد كان ابن عمر شديد الاتباع حَتَّى يقف مرة ويدور بناقته أخرى في مكان وقوفه ودوران ناقته (٢)، وما أحسنه من اتباع (٣).


(١) لم أقف عليه من حديث عمرو بن العاص بل وجدته من حديث ابنه عبد الله بن عمرو بن العاص، وقد رواه الترمذي (١٠٧٤) كتاب: الجنائز، باب: ما جاء فيمن مات يوم الجمعة، وعبد الرزاق في "مصنفه" ٣/ ٢٦٩ (٥٥٩٦) كتاب: الجمعة، باب: من مات يوم الجمعة، أحمد ٢/ ١٦٩، ١٧٦، ٢٢٠.
قال الألباني في "صحيح الترمذي" (٨٥٨): حسن.
(٢) انظر:، "التمهيد" ١٠/ ٢٣.
(٣) هذا القول فيه نظر من وجهين: الوجه الأول:
أن التبرك بالسلف الصالح لا يجوز لا في حياتهم ولا بعد مماتهم، فإن التبرك بغير النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد موته لم يثبت، كما قال الشاطبي رحمه الله، وقد ترك - صلى الله عليه وسلم - بعده أبا بكر وعمر وهما خير هذِه الأمة وخير ممن يوصف الناس بعدهم بالأولياء، ولم يثبت لواحد منهم من طريق صحيح أن متبركًا تبرك به على النحو الذي يفعله العامة في المشايخ من لمس الجسد والثياب، فهو إجماع منهم على ترك تلك الأشياء أهـ.
وقال ابن رجب رحمه الله: وكذلك التبرك بالآثار، فإنما كان يفعله الصحابة مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولم يكونوا يفعلونه مع بعضهم بعضًا، ولا يفعله التابعون مع الصحابة مع علو قدرهم. أهـ. =

<<  <  ج: ص:  >  >>