للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المهل بالضم: الصديد (١)، والمهل أيضًا: عكر الزيت الأسود. وقال ابن دريد في هذا الحديث: إنها صديد الميت، زعموا أن المهلة ضرب من القطران، والمهل: ما يتحات من الخبزة من رماد أو غيره (٢). وقال أبو عبيدة: قوله: الحي أحوج إلى الجديد من الميت. خلاف من يقول: إنهم يتزاورون في أكفانهم فيجب تحسينها، ألا ترى أنه يقول: فإنما هما للمهلة؟ ويشهد لذلك قول حذيفة حين أتى بكفنه ربطتين، قَالَ: لا تغالوا في الكفن؛ الحي أحوج إلى الجديد من الميت، إني لا ألبث إلا يسيرًا حَتَّى أبدل منهما خيرًا منهما أو شرًّا منهما (٣). ومنه قول ابن الحنفية: ليس للميت من الكفن شيء، إنما هو تكرمة للحي. وأما من خالف هذا فرأى تحسين الأكفان، فروي عن عمر أنه قَالَ: أحسنوا أكفان موتاكم، فإنهم يبعثون فيها يوم القيامة. وعن معاذ بن جبل مثله.

قلتُ: وأُوِّل الكفن بالعمل؛ لأنه يبلى. وأوصى ابن مسعود أن يكفن في حلة بمائتي درهم (٤). وفي "صحيح مسلم" من حديث جابر مرفوعًا: "إذا كفَّنَ أحدُكُم أخاهُ فليُحْسِن كَفَنَه" (٥) وهو من أفراده. قَالَ ابن المنذر: وبحديث جابر قَالَ الحسن وابن سيرين، وكان إسحاق يقول: يغالي في الكفن إذا كان موسرًا، وإن كان فقيرًا فلا يغالِ به (٦).


(١) "غريب الحديث" ٢/ ٧ - ٨.
(٢) "جمهرة اللغة" ٢/ ٩٨٨، وانظر: "الصحاح" ٥/ ١٨٢٢، و"لسان العرب" ٧/ ٤٢٨٨ - ٤٢٨٩.
(٣) رواه عبد الرزاق ٣/ ٤٣٢ (٦٢١٠) كتاب: الجنائز، باب: ذكر الكفن والفساطيط.
(٤) رواه ابن أبي شيبة ٢/ ٤٦٨ - ٤٦٩ كتاب: الجنائز، باب: ما قالوا في تحسين الكفن، وورى عنهم ذلك أيضًا ابن المنذر في "الأوسط" ٥/ ٣٥٩.
(٥) "صحيح مسلم" (٩٤٣) كتاب: الجنائز، باب: في تحسين كفن الميت.
(٦) "الأوسط" ٥/ ٣٥٨ - ٣٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>