للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وغير ذلك من أمره إذا وافق صوابًا، فإن أوصى بسرف، فعن مالك: يكفن بالقصد (١)، فإن لم يوص وتشاح الورثة لم ينقص عن ثلاثة أثواب من جنس لباسه في حياته؛ لأن الزيادة عليهن والنقص منهن خروج عن عادته.

وقوله: (اغسلوه). يحتمل أن يكون لشيء علمه فيه، وإلا فإن الثوب اللبيس لا يقتضي لبسه وجوب غسله. قاله سحنون، وربما كان الجديد أحق بالغسل منه، ويحتمل أن يكون أمر بالغسل للردع الذي فيه لما أخبر أن الشارع كفن في ثلاثة أثواب بيض.

وقول عائشة: (إن هذا خلق). وقولها في "الموطأ": وما هذا؟ تريد أنه لم يصلح عندها لكفنه، وأرادت أن يكفن في جديد، وغيره أفضل، فقال: الحي أحق بالجديد من الميت. يريد: لما يلزمه في طول عمره من اللباس وستر العورة، وأما الميت فتغيره سريع، ولذلك قَالَ: (إنما هو للمهلة) يريد: الصديد والقيح. يعني: إنه ليس بجمال ولا لاستدامة، وإنما يصير عن قريب إلى التغير بالصديد، فلا معنى لكونه جديدًا، هكذا رواه يحيى في "الموطأ" بكسر الميم، وروي بضمها (٢)، وضبط في البخاري بالضم والكسر أيضًا، ورويناه بهما جميعًا (٣).

وقال ابن الأنباري: لا يقال: للمِهلة بالكسر. ورواه أبو عبيد: وإنما هو للمُهل والتراب. والمهل: الصديد، وقال ابن حبيب: بكسر الميم: الصديد، وبنصبها من التمهل، وبضمها: عكر الزيت الأسود المظلم.

ومنه قوله تعالى: {يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالمُهْل} [المعارج: ٨] وقال أبو عبيد:


(١) المصدر السابق ١/ ٥٦٠ - ٥٦١.
(٢) "الموطأ" ص ١٥٦.
(٣) ورد بهامش الأصل: قال في "المطالع": رويناه بالحركات الثلاث.

<<  <  ج: ص:  >  >>