ومن هذا وضع ابن عمر يده على مقعد النبي - صلى الله عليه وسلم -، وتعريف ابن عباس بالبصرة وعمرو بن حريث بالكوفة، فإن هذا لما لم يكن مما يفعله سائر الصحابة، ولم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - شرعه لأمته، لم يمكن أن يقال هذا سنة مستحبة، بل غايته أن يقال: هذا مما ساغ فيه اجتهاد الصحابة، أو مما لا ينكر على فاعله لأنه بما يسوغ فيه الاجتهاد، لا لأنه سنة مستحبة سنها النبي- صلى الله عليه وسلم - لأمته، أو يقال في التعريف: إنه لا بأس به أحيانًا لعارض إذا لم يجعل سنة راتبة. وهكذا يقول أئمة العلم في هذا وأمثاله: تارة يكرهونه، وتارة يسوغون فيه الاجتهاد، وتارة يرخصون فيه إذا لم يتخذ سنة، ولا يقول عالم بالسنة: إن هذِه سنة مشروعة للمسلمين. فإن ذلك إنما يقال فيما شرعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، إذ ليس لغيره أن يسن ولا أن يشرع، وما سنه خلفاؤه الراشدون فإنما سنوه بأمره فهو من سننه، ولا يكون في الدين واجبًا إلا ما أوجبه، ولا حرامًا إلا ما حرمه، ولا مستحبًا إلا ما استحبه، ولا مكروهًا إلا ما كرهه، ولا مباحًا إلا ما أباحه. "مجموع الفتاوى" ١/ ٢٨٠ - ٢٨٢. (١) انظر: "الصحاح" ٣/ ١٢١٨، "لسان العرب" ٣/ ١٦٢٣. (٢) "الموطأ" ص ١٥٦ (٦) كتاب: الجنائز، باب: ما جاء في كفن الميت. (٣) انظر: "النوادر والزيادات" ١/ ٥٥٩.