للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ففي حديث أبي سعيد الخدري مر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بجنازة عند قبر فقال: "قَبْرُ من هذا؟ " فقال: فلان الحبشي. فقال - صلى الله عليه وسلم -: "لا إله إلا الله، سِيْقَ مِنْ أرضِه وسَمائه إلى تربتِه التي منها خُلِقَ". قَالَ الحاكم: صحيح الإسناد (١)، وله شواهد أكثرها صحيحة. وإنما أستاذنها عمر في ذلك ورغب إليها فيه؛ لأن الموضع كان بيتها، ولها فيه حق، ولها أن تُؤثر به نفسها لذلك، فآثرت به عُمر، وقد كانت عائشة رأتْ رؤيا دلتها على ما فعلت، حين رأت ثلاثة أقمار سقطن في حجرها، فقصتها على والدها لما توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ودفن في بيتها. فقال لها أبو بكر: هذا أول أقمارك وهو خيرها (٢).

ففيه من الفقه: الحرص على مجاورة الموتى الصالحين في القبور، طمعًا أن ينزل عليهم رحمة تصيب جيرانهم، أو رغبة أن ينالهم دعاء من يزور قبورهم من الصالحين.

وقول عمر: (إذا قُبِضت فاحملوني، ثم قل: يستأذن عمر). فيه من الفقه: أن من وعد بعدةٍ أنه يجوز له الرجوع فيها، ولا يُقْضَى عليه بالوفاء بها؛ لأن عمر لو علم أن عائشة لا يجوز لها أن ترجع في عدتها ما قَالَ ذلك، وسيأتي بسط ذلك في الهبة إن شاء الله.


(١) "المستدرك" ١/ ٣٦٦ - ٣٦٧ كتاب: الجنائز، قال الذهبي: صحيح وأنيس ثقة، وله شواهد صحيحة.
(٢) رواه مالك في "الموطأ" ص ١٦٠ (٣٠) كتاب: الجنائز، باب: ما جاء في دفن الميت، وابن سعد في "الطبقات" ٢/ ٢٩٣، والطبراني ٢٣/ ٤٧ - ٤٨، وفي "الأوسط" ٦/ ٢٦٦ (٦٣٧٣)، والحاكم في "المستدرك" ٣/ ٦٠، وفي "الكبير" ٤/ ٣٩٥، وصححه على شرط الشيخين.
وقال الهيثمي في "المجمع" ٩/ ٣٨: رواه الطبراني في "الكبير" و"الأوسط" ورجال "الكبير" رجال الصحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>