للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لقوله في الأنصار: (أن يعْفي عَنْ مُسِيئِهِمْ)، فيما لم يكن لله فيه حد، ولا للمسلمين حق. ويشبه ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أقيلوا ذَوي الهيئات زلاتهم" (١) فسره أهل العلم أن ذوي الهيئات أهل الصلاح والفضل، الذين يكون من أحدهم الزَّلَّة والفلتة في سب رجل من غير حد مما يجب في مثله الأدب، فيتجاوز له عن ذلك؛ لفضله، ولأن مثل ذلك لم يعهد منه (٢).

وفي استبطاء الشارع يوم عائشة من الفقه: أنه يجوز للفاضل الميل في المحبة إلى بعض أهله أكثر من بعض، وأنه لا إثم عليه في ذلك، إذا عدل بينهن في النفقة والقسمة، وقد بينت عائشة العلة في البناء على قبره وتحظيره، وذلك خشية أن يتخذ مسجدًا.

وقول سفيان: إنه رأى قبره - صلى الله عليه وسلم - مسنمًا، قد روي ذلك عن غيره، قَالَ إبراهيم النخعي: أخبرني من رأى قبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصاحبيه مسنمة ناشزة من الأرض، عليها مرمر أبيض. وقال الشعبي: رأيت قبور شهداء أحد مسنمة، وكذا فعل بقبر ابن عمر وابن عباس (٣).


(١) رواه أبو يعلى في "مسنده" ٨/ ٣٦٣ (٤٩٥٣)، وابن حبان في "صحيحه" ١/ ٢٩٦ (٩٤) كتاب: العلم، والبيهقي في "السنن الكبرى" ٨/ ٣٣٤ كتاب: الأشربة، باب: الإمام يعفو عن ذوي الهيئات زلاتهم ما لم تكن حدًا.
(٢) تعليق بهامش الأصل بخط سبط: وقد ذكر الشيخ عز الدين بن عبد السلام في القواعد الكبرى أن الصغيرة إذا حدثت من بعض أولياء الله تعالى لا يجوز للأئمة والحكام تعزيرهم عليها بل تقال عثرتهم وتُستر زلتهم، وقد جهل أكثر الناس فزعموا أن الولاية تسقط بالصغيرة، ذكر ذلك في أوائل الفصل المعقود لبيان التسميع بالعبادات وهو نحو ثلث الكتاب، وهذا وغيره وارد على ما قال الفقهاء في التعزير أنه مشروع في كل معصية ليس بها حَد ولا كفَّارة.
(٣) رواه عبد الرزاق في "المصنف" ٣/ ٥٠٤ - ٥٠٥ (٦٤٩٠) كتاب: الجنائز، باب: الحدث والبنيان، وابن أبي شيبة في "المصنف" ٣/ ٢٣ - ٢٤ (١١٧٣٥ - ١١٧٣٦) كتاب: الجنائز، ما قالوا في القبر يُسنمّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>