للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ: والذي يبرِّئ من الوجوه الثلاثة ما روي: "برئ من الشح، من أدى الزكاة، وقرى الضيف، وأعطى في النائبة" (١). وقال في "المغيث": الشح أبلغ في المنع من البخل، والبخل في أفراد الأمور وخواص الأشياء، والشح عام، وهو كالوصف اللازم من قبل الطبع والجبلة وقيل: البخل بالمال، والشح بالماء والمعروف. وقيل: الشحيح: البخيل مع التحرص. وفي "مجمع الغرائب": الشح المطاع: هو البخل الشديد الذي يملك صاحبه بحيث لا يمكنه أن يخالف نفسه فيه.

فقوله: ("وأنت صحيح شحيح") أي؛ لأن أكثر الأصحاء يشحون ببعض ما في أيديهم من الفقر، ويأملون من الغنى.

ففيه: أن أعمال البر كلها إذا صعبت كان أجرها أعظم؛ لأن الشحيح الصحيح إذا خشي الفقر وأمل الغنى صعبت عليه الصدقة، وسول له الشيطان طول العمر وحلول الفقر به.

فمن تصدق في هذِه الحال فهو مؤثر ثواب الرب تعالى على هوى نفسه. وأما إذا تصدق عند خروج نفسه فيخشى عليه الفرار بميراثه، والجور في فعله. ولذلك قَالَ ميمون بن مهران حين قيل له: إن رقية امرأة هشام ماتت وأعتقت كل مملوك لها. فقال ميمون: يعصون الله في أموالهم مرتين. يبخلون بها وهي في أيديهم، فإذا صارت لغيرهم أسرفوا فيها (٢).


(١) رواه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (٢١٦١)، والطبراني (٤٠٩٦)، (٤٠٩٧)، كلاهما من طريق مجمع بن جارية، عن عمه خالد بن زيد مرسلًا.
ووصله البيهقي في "الشعب" (١٠٨٤٢) من طريق مجمع، عن عمه، عن أنس بن مالك مرفوعًا. وانظر "السلسلة الضعيفة" (١٧٠٩).
(٢) ذكره المزي في "تهذبب الكمال" ٢٩/ ٢٢٣، والذهبي في "سير أعلام النبلاء" ٥/ ٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>