وقوله: ("ويعطيه المصدِّق عشرين درهمًا أو شاتين") هو بكسر الدال مشددة أي: العامل، ورواه أبو عبيد بفتحها مشددة أي: المالك، وخالفوه.
وقال أبو موسى المديني: هو بتشديد الصاد والدال معًا والدال مكسورةٌ، وهو رب المال، وأصله: المتصدق فأدغمت التاء في الصاد؛ لتقارب مخرجهما، وقال ثابت: يقال: بتخفيف الصاد للذي يأخذها والذي يعطيها أيضًا.
وعندنا أن الخيار في الشاتين والدراهم لدافعها، سواء كان المالك أو الساعي، وفي قول: إن الخيرة إلى الساعي مطلقًا، فعلى هذا: إن كان هو المعطي راعى المصلحة للمساكين، وكل منهما أصل بنفسه وليس ببدل؛ لأنه خُيِّرَ بينهما بحرف أو يعلم أن ذَلِكَ لا يجري مجرى تعديل القيمة لاختلاف ذَلِكَ في الأزمنة والأمكنة، وإنما هو فرض شرعي كالغرة في الجنين، والصاع في المصرّاة، والسر في ذَلِكَ أن الصدقة كانت تؤخذ في البراري وعلى المياه بحيث لا يجد السوق، فقدر الشارع هذا قطعًا للتشاجر.
نبه عليه الخطابي (١) وغيره، وإنما لم يرد على من أخذ منه ابن لبون بدل بنت مخاض؛ لأنه وإن زاد في السنن فقد نقص بالذكورة، ولا يكلف شراء بنت مخاض وهذا بخلاف الكفارة؛ لأن الزكاة مبنية على التخفيف بخلافها.