للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فيه: "فهل تمنح منها؟ " فقال: نعم، قال: "فهل تحلبها بعد ورودها؟ " فقال: نعم (١). ويحتمل كما قال القرطبي: خصوصية ذَلِكَ الأعرابي المذكور لما علم من حاله وضعفه عن المقام بالمدينة (٢). وقال بعض العلماء: كانت الهجرة على غير أهل مكة من الرغائب ولم تكن فرضًا، دليله: حديث الباب؛ فإنه لم يوجبها عليه.

قال أبو عبيد في "أمواله": كانت الهجرة على أهل الحاضرة دون أهل البادية (٣)، وقيل: إنما كانت الهجرة واجبة إذا أسلم بعض أهل البلد دون بعض لئلا يجري على من أسلم أحكام الكفار؛ ولأن في هجرته توهينًا لمن لم يسلم وتفريقًا لجماعتهم، وذلك باقٍ إلى اليوم، وإذا أسلم في دار الحرب ولم يمكنه إظهار دينه وجب عليه الخروج.

فأما إذا أسلم الكل فلا هجرة عليهم؛ لحديث وقد عبد القيس، والهجرة باقية كما سلف، فلا تنقطع الهجرة ما قوتل الكفار، وكذا من هاجر ما نهي عنه (٤).

وقوله: ("فاعمل من وراء البحار"). يريد إذا كنت تؤدي فرض الله عليك في نفسك ومالك، فلا تبال أن تقيم في بيتك، وإن كانت دارك من وراء البحار، ولا تهاجر فإن الهجرة في جزيرة العرب، ومن كانت داره من وراء البحار لن يصل إليها. والمراد بالبحار: البلاد.

قيل: في قوله تعالى: {ظَهَرَ الفَسَادُ فِي البَرِّ وَالبَحْرِ} [الروم: ٤١] أنه القرى والأمصار، يوضحه: اصطلح أهل هذِه البحيرة -يريد المدينة- أن


(١) سيأتي برقم (٢٦٣٣).
(٢) "المفهم" ٤/ ٧٢.
(٣) "الأموال" ص ٩٨.
(٤) ورد في هامش الأصل ما نصه: ثم بلغ في الرابع عشر، كتبه مؤلفه سامحه الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>