للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يُعَصِّبوه. يعني ابن أُبي (١). وفي حديث آخر: كتب لهم ببحرهم (٢)، أي: ببلدتهم وأرضهم. وقيل: البحار نفسها. وعند صاحب "المطالع ": قال أبو الهيثم: من وراء البحار، قال: وهو وهم.

وقوله: ("لن يَتِرك")، هو بفتح المثناة تحت وكسر المثناة فوق، وفتح الراء، قيل: لن ينقصك من ثوابك شيئًا، يقال: وتره يتره ترة، وقيل: لن يظلمك، قال تعالى: {وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ} [محمد: ٣٥] ومثله {لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا} [الحجرات: ١٤] يعني: لن ينقصكم. وفيه لغتان ألت يألت ألتًا، ولات يليت ليتا، قاله الزيدي. ورواه بعضهم فيما حكاه المنذري بإسكان التاء من الترك، وهو ظاهر إن صح، وضبط في رواية أبي الحسن بتشديد التاء. قال ابن التين: وصوابه بالتخفيف. وعند الإسماعيلي: وقال الفريابي: بالتشديد.

وفي الحديث كما قال الداودي دليل على قبول الأعمال من قوله تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (٧)} [الزلزلة: ٧]، وقال: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ (٩٤)} [الأنبياء: ٩٤] فمن عمل عملًا أراد به وجه الله ومات مسلمًا وجد عمله في المعاد محضرًا.

قال: وقوله: "إن شأنها لشديد" كان قبل الفتح، قبل انقضاء الهجرة، ويدل أن غير أهل مكة لم يكن عليهم أن يقيموا بالمدينة إذا هاجروا ودله على ما يطيقه من العمل ويدل أن من بايع من غير أهل مكة على المقام لزمه، ولذلك أبي أن يقيل الأعرابي بيعته، وقال


(١) سيأتي برقم (٤٥٦٦) من حديث أسامة، وهو قول سعد بن عبادة.
(٢) سيأتي برقم (١٤٨١) من حديث أبي حميد الساعدي.

<<  <  ج: ص:  >  >>