للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

نهى عن الكرائم ففي كون جميعه رديئًا أولى؛ لأن الكريمة الممنوع من أخذها هو ما لا يؤخذ بوجه إلا إن تطوع ربها كالحامل واللبون، ومعناه إذا كان المال كله جيدًا أو رديئًا نحن نقول به.

وإنما نكلفه الوسط، فكذلك إذا كانت صغارًا أو معيبة؛ لأن في أخذها ضرر بالفقراء وفي أخذها الجيد إضرارًا برب المواشي، وأما حديث معاذ: "خذ الإبل من الإبل" فقال عَقِبه: "والشاء من الغنم"، وهذا يوجب أن يؤخذ من أربعين سخلة شاة، وتقدم الانفصال عن حديث أبي بكر في العناق أن المراد به جذعة.

واحتج بعض المالكية بقوله تعالى: {أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ} [البقرة: ٢٦٧] إلى قوله {إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ} [البقرة: ٢٦٧] وهذا لا يلزم؛ لأنا ذكرنا -فيما سلف- أن الآية نزلت فيمن كان يأتي بأردأ طعامه فيقصد به الفقراء، فنهوا عن ذَلِكَ، وقد أجمعنا أن من كان عنده تمر رديء لا يلزمه أن يخرج من غيره، وهذا هو المشهور عندهم بخلاف الماشية، وبالقياس على الضحايا (١)، وهو متجه على رأي ابن القصار عندهم أن ذات العيب لا تجزئ ولو كانت قيمتها أكثر من السليمة، واختلف عندهم في التيس، فروى ابن القاسم عن مالك أنه من ذوات العوار، وهو أدون من الفحل (٢).

قال غيره: وهو الذي لم يبلغ حَدَّ الفحولة، ولا منفعة فيه لضراب ولا لدر ولا نسل، وإنما يؤخذ بها ما كان فيه منفعة للنسل (٣).


(١) هذا هو مشهور المذهب، وقال عبد الملك: إذا كان رديئًا كله لم يؤخذ منه وكلف صاحبه أن يخرج من غيره. انظر: "المعونة" ١/ ٢٥٣.
(٢) انظر: "النوادر والزيادات" ٢/ ٢٢١.
(٣) انظر: "المنتقى" ٢/ ١٣٠ - ١٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>