للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

من أموالهم؛ لانتفاعهم بها وتوفير تلك الصلات بها، فإذا زال هذا المعنى جازت الزكاة للأقارب الذين لا يلزمه نفقتهم، وقد تقدم اختلاف العلماء في الزكاة على الأقارب في باب: إذا تصدق على ابنه وهو لا يشعر. فراجعه.

ولم يختلف العلماء -كما قال ابن بطال- أن قوله: في أقاربه وبني عمه، أنهم أقارب أبي طلحة لا أقاربه - عليه السلام -، وقد روى ذَلِكَ الثقات (١)، ثم ساق بإسناده ذَلِكَ إلى أنس، وهو في البخاري كما أسلفناه.

الثالثة عشرة: فيه استعمال عموم اللفظ، ألا ترى إلى فهم الصحابة لذلك؟ وأنهم يتوقفون حتَّى يتبين لهم بآية أخرى أو بسنة مبينة لمراد الله تعالى في الشيء الذي يجب أن ينفقه عباده؛ لأنهم يحبون أشياء كثيرة فبدر كل واحد منهم إلى نفقة أحب أمواله إليه، فتصدق أبو طلحة بحائطه، وكذلك فعل زيد بن حارثة.

وروي عن ابن عيينة، عن ابن المنكدر قال: لما نزلت {لَنْ تَنَالُوا البِرَّ} [آل عمران: ٩٢] قال زيد: اللهم إنك تعلم أنه ليس لي مال أحب إلى من فرسي هذِه، وكان له فرس فجاء به إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: هذا في سبيل الله، فقال لأسامة بن زيد: "اقبضها منه" فكأن زيدًا وجه في نفسه من ذَلِكَ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله قد قبلها منك" (٢).

وفعل مثل ذَلِكَ ابن عمر، روي أنه كان له جارية جميلة وكان يحبها، فأعتقها لهذِه الآية، ثم أتبعتها نفسه، فأراد تزويجها فمنعه بنوه، فكان


(١) "شرح ابن بطال" ٣/ ٤٨٢.
(٢) رواه ابن أبي حاتم في "تفسير القرآن العظيم" ٣/ ٧٠٤ (٣٨١٤)، وذكره السيوطي في "الدر المنثور" ٢/ ٨٩، وعزاه إلى سعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن المنذر.

<<  <  ج: ص:  >  >>