من توهم أنه لا يحصل منه شر أصلًا لا بالذات ولا بالعرض، نعم قد يعرض له ما يجعله شرًا إذا أسرف فيه ومنع من حقه.
وقوله: ("وَإِنَّ مِمَّا يُنْبِتُ الرَّبِيعُ") قال القزاز: هذا حديث جرى فيه البخاري على عادته في الاختصار والحذف؛ لأن قوله: فرأينا يُنْزَل عليه، يريد: الوحي.
وقوله: ("وَإِنَّ مِمَّا يُنْبِتُ الرَّبِيعُ يَقْتُلُ أَوْ يُلِمُّ") حذف (ما) قبل يقتل وحذف حبطا، والحديث:"إن مما ينبت الربيع ما يقتل حبطا أو يلم" فحذف حبطا، وحذف (ما). قال القزاز: وقد رويناه بها.
قال ابن دريد في "وشاحه": هذا من الكلام الفرد الموجز الذي لم يسبق إليه، وهو أكثر من سبعين لفظة، ذكرها مفصلة، وروايته فيه (لما) بلام وما.
وقوله: ("إِلَّا آكِلَةَ الخَضْرَ") يعني: التي تخرج مما جمعت منه ورعت، وما ينفعها إخراجه مما لو أمسكه؛ لضره إثمه كما يضر التي رعت لو أمسكت البول والغائط ولم تخرجه. ويبين هذا المعنى قوله - عليه السلام - في المال:"فنعم صاحب المسلم ما أعطى منه المسكين وابن السبيل" وفي هذا تفضيل المال.
وقال الخطابي: الخضر ليس من أحرار البقول التي تستكثر منه الماشية فتنهكه أكلًا، ولكنه من الجنْبَة التي ترعاها بعد هيج العشب ويبسه، وأكثر ما رأيت العرب تقول: الخضر لما اخضر من الكلأ الذي لم يصفر، والماشية من الإبل ترتع منه شيئًا فشيئًا فلا تستكثر منه فلا تحبط بطونها عليه. وقد ذكره طرفة وبين أنه نبت في الصيف فقال: