للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إذا أنبتا الصيف عساليج الخضر.

والخضر من كلأ الصيف وليس من أحرار بقول الربيع، والنعم لا تستوكله ولا تحبط بطونها عليه (١).

وقال أبو عبد الملك: يريد لو استوفت نبت الربيع ربما قتلها، وهو خير، وكذلك المال إذا منع منه فإنه يهلكه وهو خير أيضًا. وقال غيره: أراد بآكلة الخضر المقتصد على قدر الكفاية من الدنيا، فضربه - عليه السلام - مثلًا لمن يقتصد في أخذ الدنيا وجمعها، ولا يحمله الحرص على أخذها بغير حقها، فهو ناج من وبالها كما نجت آكلة الخضر، ألا تراه قال: "أكلت حتَّى امتدت خاصرتاها استقبلت عين الشمس؛ فثلطت وبالت" أراد أنها شبعت منه بركت مستقبلة الشمس؛ تستمرئ بذلك ما أكلت وتجتر وتثلط، فإذا ثلطته فقد زال عنها الحبط وهو انتفاخ البطن من داءٍ يصيب الآكل، وإنما يحبط الماشية؛ لأنها لا تثلط، ولا تبول، ومنه قوله تعالى: {حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ} [المائدة: ٥٣] أي: بطلت.

ووقع في رواية العذري: "إِلَّا آكِلَةَ الخَضْرَة" على الإفراد، وعند الطبري: "الخُضْرة" "وثلطت" بفتح اللام، وبه صرح الجوهري وغيره (٢)، قال ابن التين: وهو ما سمعناه. وضبطه بعضهم بكسرها.

قال الجوهري: ثلط البعير إذا ألقى بعره رقيقًا وكذا قال ابن فارس (٣) وصاحب "المحكم" حيث قال: ثلط الثور والبعير والصبي يثلط ثلطًا سلح سلحًا (٤) رقيقًا. وفي "مجمع الغرائب" خرج رجيعها -يعني: آكلة الخضر- عفوًا من غير مشقة؛ لاسترخاءِ ذات بطنها فيبقى


(١) "أعلام الحديث" ٢/ ٧٩٣.
(٢) "الصحاح" ٣/ ١١١٨.
(٣) "مجمل اللغة" ١/ ١٦٢.
(٤) "المحكم" ٩/ ١٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>