وقال ابن الجوزي: قال لنا ابن ناصر: يجوز أن يكون قد قال: "هي علية" بتشديد الياء ولم يبين الراوي، وأما رواية من روى "فهي له، ومثلها معها" فهي رواية موسى بن عقبة والمراد: عليه، وهما بمعنى قال تعالى:{وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ}[غافر: ٥٢] وقال: {وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا}[فصلت: ١٦] ويحتمل أن يكون "فهي له" أي عليّ. ويحتمل أنها كانت له عليه إذ كان قد قدمها كما سلف، وبه احتج من رأى تقديمها، وسيأتي.
وأما رواية من روى "فهي عليَّ ومثلها معها" فقيل فيه أنه - عليه السلام - كان تعجلها كما سلف. فالمعنى على النبي - صلى الله عليه وسلم - ويحتمل أن يكون عليّ أن أؤديها عنه؛ لما له علي من الحق خصوصًا له؛ ولهذا قال:"أما علمت أن عم الرجل صنو أبيه" أي: أصله وأصل أبيه واحد. وأصل ذَلِكَ أن طلع النخلات من عرقٍ واحدٍ.
قال البيهقي: وهذِه الرواية أولى بالصحة لموافقتها الروايات الصحيحة بالاستسلاف والتعجيل (١).
وقال الداودي: المحفوظ: "هي له" أي: إنه قد تصدق بصدقته ومثلها معها، وهي أولى؛ لأنه رجل في صلب بني هاشم لا تحل له الصدقة، وقد رواه ورقاء، عن أبي الزناد:"فهي علي ومثلها معها" كأنه قال: كان يسلف منه صدقة عامين: ذَلِكَ العام وعام قبله كذا قال.
ورواية "فهي له" هي رواية موسى بن عقبة يمكن حملها على هذا أيضًا، وقد يحمل على التأويل الأول؛ لأن "له" بمعنى عليه كما سلف. قال ابن التين: والصحيح أن معنى هذِه الرواية أنه قدم صدقة عامين كما سلف.