للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال الطحاوي: ليس معنى هذا الحديث في الصدقات، وإنما هو في الأموال التي يقسمها الإمام على أغنياء الناس وفقرائهم، فكانت تلك الأموال يعطاها الناس لا من جهة (الفقر) (١)، ولكن من حقوقهم فيها، فكره الشارع لعمر حين أعطاه قوله: أعطه من هو أفقر إليه مني. لأنه إنما أعطاه لمعنى غير الفقر، ثم قال له: "خذه فتموله" (٢) هكذا رواه شعيب عن الزهري، فدل أن ذَلِكَ ليس من أموال الصدقات؛ لأن الفقير لا ينبغي أن يأخذ من الصدقات ما يتخذه مالًا كان عن غير مسألة أو عن مسألة. ثم قال: "إذا جاءك من هذا المال الذي هذا حكمه فخذه" (٣).

قال الطبري: واختلف العلماء في قوله: "فخذه" بعد إجماعهم على أنه أمر ندب وإرشاد، فقال بعضهم: هو ندب لكل من أعطي عطية أبي قبولها كائنًا من كان معطيها إمامًا أو غيره، صالحًا كان أو فاسقًا، بعد أن يكون ممن تجوز عطيته. روي عن أبي هريرة أنه قال: ما أحد يهدي إليَّ هدية إلا قبلتها، فأما أن أسأل فلا. وعن أبي الدرداء مثله. وقبلت عائشة من معاوية.

وقال حبيب بن أبي ثابت: رأيت هدايا المختار تأتي ابن عمر، وابن عباس فيقبلانها. وقال عثمان بن عفان: جوائز السلطان لحم ظبي ذكي.

وبعث سعيد بن العاصي إلى علي بهدايا فقبلها وقال: خذ ما أعطوك.

وأجاز معاوية الحسين بأربعمائة ألف. وسئل أبو جعفر محمد بن علي ابن الحسين عن هدايا السلطان فقال: إن علمت أنه من غصب أو


(١) في الأصل: (الفقراء) بالمد ولعل المثبت أصح.
(٢) سيأتي في رواية (٧١٦٣) كتاب الأحكام، باب رزق الحكام والعاملين عليها.
(٣) "شرح معاني الآثار" ٢/ ٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>