سحت فلا تقبله، وإن لم تعرف ذَلِكَ فاقبله، ثم ذكر قصة بريرة. وقول الشارع:"هو لنا هدية"، وقال: ما كان من مأثم فهو عليهم وما كان من مهنأ فهو لك، وقبلها علقمة، والأسود، والنخعي، والحسن، والشعبي.
وقال آخرون: بل ذَلِكَ ندب منه أُمَّتَه إلى قبول عطية غير ذي سلطان، فأما السلطان، فإن بعضهم كان يقول: حرام قبول عطيته، وبعضهم كرهها، روي أن خالد بن أسيد أعطى مسروقًا ثلاثين ألفًا فأبى أن يقبلها، فقيل له: لو أخذتها فوصلت بها رحمك. فقال: أرأيت لو أن لصًّا نقب بيتا، ما أبالي أخذتها أو أخذت ذَلِكَ. ولم يقبل ابن سيرين ولا ابن رزين ولا ابن محيريز من السلطان. وقال هشام بن عروة: بعث إليَّ عبد الله بن الزبير وإلى أخي بخمسمائة دينار. قال أخي: رُدَّها، فما أكلها أحد وهو غني عنها إلا أحوجه الله إليها.
وقال ابن المنذر: كره جوائز السلطان محمد بن واسع، والثوري وابن المبارك وأحمد. وقال آخرون: بل ذَلِكَ ندب إلى قبول هدية السلطان دون غيره. وروي عن عكرمة: إنا لا نقبل إلا من الأمراء.
قال الطبري: والصواب عندي أنه ندب منه إلى قبول عطية كل معطٍ جائزة عطيته، سلطانًا كان أو غيره، لحديث عمر، فندبه إلى قبول كل ما آتاه الله من المال من جميع وجوهه من غير تخصيص سوى ما استثناه، وذلك ما جاء من وجه حرام عليه وعلم به، ووجه من رد أنه كان على من كان الأغلب من أمره أنه لا يأخذ المال من وجهه، فرأى أن الأسلم لدينه والأبرأ لعرضه تركه، ولا يدخل في ذَلِكَ ما إذا علم حرمته، ووجه من