للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وتطريز الثياب به أو سقوف البيت فإنه من التضييع والتصنع، ولا يمكن تخليصه منه وإعادته إلى أصله حتَّى يكون أصلًا قائمًا. ومن إضاعته: تسليمه لغير رشيد.

وفيه: دلالة على إثبات الحجر على المفسد لماله، ومن الحجر احتمال الغبن في البياعات (١)، وقسمة ما لا ينتفع بقسمته كاللؤلؤة، وتركه من غير حفظ فيضيع، أو يتركه حتَّى يفسد، أو يرميه إذا كان يسيرًا كبرًا عن تناوله، أو يسرف في النفقة أو ينفقه في المعاصي، وأن يتخلى الرجل من ماله بالصدقات وعليه دين لا يرجو له وفاء، ولا صبر له على التفسير والإضاقة، ولا يرد على فعل الصديق حيث تصدق بماله كله لغناه بقوة صبره، ومن في الأمة مثله يقاس به؟! وانظر من أنفقه عليه.

ويحتمل أن يتأول معنى: "إضاعة المال" على العكس مما سلف أن إضاعته حبسه عن حقه، والبخل به على أهله، كما قال:

وما ضاع مال أورث المجد أهله … ولكن أموال البخيل تضيع (٢)

وقال الداودي: إضاعة المال تؤدي إلى الفقر الذي يخشى منه الفتنة. وكان الشارع يتعوذ من الفقر وفتنته.

قال: وفيه دليل على فضل الكفاف على الفقر والغنى؛ لأن ضياع المال يؤدي إلى الفتنة بالفقر وكثرة السؤال، وربما خشي من الغنى الفتنة، قال تعالى: {كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (٦) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى (٧)} [العلق: ٦ - ٧] قال: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا} [الفرقان: ٦٧]


(١) هي الأشياء التي يتبايع بها في التجارة، "لسان العرب" ١/ ٤٠٢.
(٢) وقد قيل أيضًا:
وما ضاع مال ورث الحمد أهله … ولكن أموال البخيل تضيع

<<  <  ج: ص:  >  >>