للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فنهى عما يؤدي إلى الحالتين، وألف قوم في تفضيل الغنى على الفقر، وعكس قوم، واحتج كلٌ، وسكتوا عن الحال التي هي أفضل منهما وهي التي دعا الله ورسوله إليها، وإنما الفقر والغنى محنتان وبليتان كان الشارع يتعوذ منهما، ولا يتعوذ من حالة فيها الفضل غير أن الغنى أضر من الفقر على أكثر الناس، وإنما توصف الأشياء بأكثرها.

وقال المهلب في "إضاعة المال": يريد السرف في إنفاقه وإن كان فيما يحل، ألا ترى أنه - صلى الله عليه وسلم - رد تدبير المعدم؛ لأنه أسرف على ماله فيما يحل ويؤجر فيه لكنه أضاع نفسه، وأجره في نفسه آكد من أجره في غيره.

ومن هنا اختلف العلماء في وجوب الحجر على البالغ المضيع لماله، فجمهور العلماء يوجب عليه الحجر صغيرًا كان أو كبيرًا. روي ذَلِكَ عن علي، وابن عباس، وابن الزبير، وعائشة، وهو قول مالك، والأوزاعي، وأبي يوسف، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور (١).

وقال النخعي، وابن سيرين، وبعدهما أبو حنيفة، وزفر: لا حجر عليه (٢) يدل لهم حديث الذي يخدع في البيوع ولم يمنعه الشارع من التصرف، وللأولين حديث معاذ. ولعل يكون لنا عودة إليه في موضعه إن شاء الله تعالى.

وأما "كثرة السؤال" ففيه وجهان ذكرا عن مالك:

الأول: سؤال الشارع فإنه قال: "ذروني ما تركتكم" (٣).


(١) انظر: "الهداية" ٣/ ٣١٥، "المعونة" ٢/ ١٥٩، "روضة الطالبين" ٤/ ١٨١، "المغني" ٦/ ٥٩٥.
(٢) انظر: "مختصر الطحاوي" ص ٩٧، "مختصر اختلاف العلماء" ٥/ ٢١٥.
(٣) رواه مسلم (١٣٣٧) كتاب: الحج، باب: فرض الحج مرة في العمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>