للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الأمير فأمره بالخروج من بخارى، فخرج إلى بيكند" (١).

وكذلك لم يكد يستقر به المقام حتى وقعت بينه وبين أمير بخارى خالد بن أحمد الذهلي جفوة عكرت صفو البخاري، وكانت سبب خروجه منها مرغمًا، إلى أن مات بعيدًا عنها. ذلك أن الأمير الذهلي بعث إلى محمد بن إسماعيل "أن أحمل إلي كتاب الجامع والتاريخ لأسمع".

فقال البخاري لرسول الأمير: قل له إنني لا أذل العلم ولا أحمله إلى أبواب السلاطين، فإن كانت له حاجة إلى شيء منه فليحضرني في مسجدي أو في داري فإن لم يعجبك هذا فأنت سلطان، فامنعني من المجلس ليكون لي عذر عند الله يوم القيامة أني لا أكتم العلم" (٢).

وقد كان هذا الجواب الحق وحده ثقيلًا وكفيلًا بإثارة أمير بخارى وإصابته في كبريائه التي لم تألف مثل هذا الكلام، فاغتاظ من البخاري وكان سبب الوحشة بينهما، فأغرى به جماعة فهيجوا الفتنة عليه وتكلموا في مذهبه وأوغروا صدور بعض العلماء عليه، وأثاروا الناس من حوله، فأمر الأمير بنفيه عن بلده، فخرج من بخارى إلى خرتنك.

ولعل قرار الأمير الذهلي بنفي البخاري عن بلده، كان بداية النهاية لحياة هذا الإمام العظيم، ولعل البخاري لم يتألم في حياته، ولم يتأثر تأثره وتألمه لهذا القرار الخطير.

فقد خرج فيما قبل من بخارى إلى نيسابور، وكله أمل في أن يجد الراحة فيها والاستقرار، بعد الكيد والمضايقة والشغب، إلا أن المقام


(١) "هدى الساري" ٤٩٤.
(٢) "طبقات الشافعية" ٢/ ١٤.