للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

البعد، فعليهم في ترك ذلك الدّم، ولو خرج إلى الميقات بعد تمام العمرة؛ ليهل بالحج منه لم يسقط ذلك عنه الدم -عند مالك وأصحابه- إلا أن يكون الميقات أفقه، أو مثل أفقه (١).

وأما حديث حفصة وقولها: (ما شأن الناس حلوا ولم تحل أنت من عمرتك؟) فإنه يوهم إهلاله بالعمرة وأنه تمتع؛ لأن الإحلال كان لمن تمتع، وهو وهم فاسد.

وذكر (عمرتك) في الحديث وتركها سواء؛ لأن المأمورين بالحل هم المحرمون بالحج؛ ليفسخوه في عمرة، ويستحيل أن يأمر بذلك المحرمين بعمرة؛ لأن المعتمر يحل بالطواف والسعي، والخلاف لا شك فيه عندهم، وقد اعتمروا معه عُمَرًا، وعرفوا حكمها في الشريعة، فلم يكن يعرفهم بشيء في علمهم، بل عرفهم بما أحله الله لهم في عامهم ذلك من فسخ الحج في عمرة، لما أنكروه من جواز العمرة في زمن الحج.

وللعلماء في قول حفصة: (ما شأن الناس حلوا ولم تحل من عمرتك؟) ضروب من التأويل، فقال بعضهم: إنما قالت ذلك؛ لأنها ظنت أنه - عليه السلام - فسخ حجه بعمرة، كما أمر بذلك من لا هدي له من أصحابه، وهم الأكثر، فذكر لها العلة المانعة من الفسخ، وهي سوقه الهدي، فبان أن الأمر ليس كما ظنت، وقيل: معناه: ما شأن الناس حلوا من إحرامهم ولم تحل أنت من إحرامك الذي ابتدأته معهم بنية واحدة. بدليل قوله "لو استقبلت من أمري ما استدبرت" الحديث (٢)


(١) انظر: "التفريع" ١/ ٣١٩، "عيون المجالس" ٢/ ٧٩٠، "الذخيرة" ٣/ ٢٠٨.
(٢) سبق تخريجه قريبًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>