للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فعلم بهذا أنه لم يحرم بعمرة، وهو قول ابن القصار. وقيل معناه: لِمَ لمْ تحل من حجك بعمرة كما أمرت أصحابك؛ وقالوا: قد تأتي (من) بمعنى: الباء، كما قال تعالى: {يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللهِ} [الرعد: ١١]،

أي: بأمر الله. تريد ولم تحل أنت بعمرة من إحرامك الذي جئت به مفردًا في حجك.

وأما قول ابن عباس لأبي جمرة في المتعة: هي السنة. فمعناه: أن كل ما أمره النبي - صلى الله عليه وسلم - بفعله فهو سنة، وكذلك معنى قول علي لعثمان في القران: ما كنت أدع سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - لقول أحد. يعني سنته التي أمر بها؛ لأنه - عليه السلام - فعل في خاصته غيرها وهو الإفراد.

وأما فسخ الحج في عمرة فهو في حديث عائشة وابن عباس وجابر وغيرهم. والجمهور على تركه، وأنه لا يجوز فعله بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وليس لأحد دخل في حجة أن يخرج منها إلا بتمامها، ولا يحله منها شيء قبل يوم النحر من طواف، ولا غيره، وإنما أمر به أصحابه؛ لينسخ ما كان عليه أهل الجاهلية بما سلف؛ لأنه خشي حلول أجله قبل حجة أخرى فيجعلها عمرة في أشهر الحج، فلما لم يتسع له العمر بما استدل عليه من كتاب الله من قرب أجله أمرهم بالفسخ، وأحل لهم ما كانت الجاهلية تحرمه من ذلك.

وقد قال أبو ذر: ما كان لأحدٍ بعدنا أن يحرم بالحج، ثم يفسخه في عمرة. وروي ذلك عن عثمان. وعن عمر أنه قال: إن الله يخص نبيه بما شاء، وإنه قد مات، فأتموا الحج والعمرة لله. وقال جابر: المتعتان فعلناهما على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم نهى عمر عنهما، فلن نعود إليهما -يعني: فسخ الحج ومتعة النساء- ثم ذكر حديث الحارث بن بلال السالف.

<<  <  ج: ص:  >  >>