وقوله:(ما كنت لأدع .. ) إلى آخره. يحتمل أن يريد ما فعله، وأن يريد ما أذن فيه؛ لأن من أمر بشيء كان كفاعله.
وفيه: ما كان عليه عثمان من الحكم أنه لا يلوم مخالفه.
وفيه: أن القوم لم يكونوا يسكتون عن قول يرون أن غيره أمثل منه إلا بينوه.
وفيه: أن طاعة الإمام إنما تجب في المعروف.
الحديث الرابع:
حديث ابن طاوس عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابن عَبَّاسٍ: كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ العُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الحَجِّ مِنْ أَفْجَرِ الفُجُورِ فِي الأَرْضِ، وَيجْعَلُونَ المُحَرَّمَ صَفَر، وَيَقُولُونَ: إِذَا بَرَأَ الدَّبَرْ، وَعَفَا الأَثَرْ، وَانْسَلَخَ صَفَرْ، حَلَّتِ العُمْرَةُ لِمَنِ اعْتَمَرْ. قَدِمَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابُهُ صَبِيحَةَ رَابِعَةٍ مُهِلِّينَ بِالحَجِّ، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَجْعَلُوهَا عُمْرَةً، فَتَعَاظَمَ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيُّ الحِلِّ؛ قَالَ:"حِلٌّ كُلُّهُ".
وأخرجه مسلم أيضًا (١).
وفي بعض ألفاظ البخاري: يسمون المحرم صفر.
وابن طاوس: هو عبد الله، قاله أصحاب الأطراف، وقوله:(كانوا). يعني الجاهلية، وذلك من تحكماتهم المبتدعة.
ولأبي داود: قال ابن عباس: والله ما أعمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عائشة في ذي الحجة؛ إلا ليقطع أمر أهل الشرك، فإن هذا الحي من قريش، ومن دان دينهم كانوا يقولون: إذا عفا الوبر، وبرأ الدَّبَر، ودخل صفر، فقد
(١) "صحيح مسلم" (١٢٤٠) كتاب: الحج، باب: جواز العمرة في أشهر الحج.