وروى الجندي من طريق ميمون بن مهران، عن ابن عباس رفعه:"كان البيت قبل هبوط آدم ياقوتة من ياقوت الجنة، له بابان من زمرد أخضر: باب شرقي، وباب غربي، وفيه قناديل من الجنة، والبيت المعمور الذي في السماء يدخله كلَّ يوم سبعون ألف ملك، لا يعودون منه إلى يوم القيامة حذاء البيت الحرام، ولما أهبط آدم إلى موضع الكعبة، وهو مثل الفلك من شدة رعدته، وأنزل عليه الحجر الأسود يتلألأ كأنه لؤلؤة بيضاء، فأخذه آدم فضمه إليه استئناسًا به، ثم أخذ الله تعالى من بني آدم ميثاقهم، فجعله في الحجر ثم أنزل على آدم العصا، ثم قال: يا آدم، تخطَّ فتخطى، فإذا هو بأرض الهند، فمكث ما شاء الله، ثم استوحش إلى البيت، فقيل له: احجج يا آدم، فلمَّا قدم مكة تلقته الملائكة، فقالت: برَّ حِجَّك يا آدمُ، لقد حججنا هذا البيت قبلك بألفي عام، فقال: ما كنتم تقولون حوله؟ قالوا: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلَّا الله، والله كبر. فكان آدم إذا طاف قالهنَّ وكان يطوفُ سبعة أسابيع بالليل، وخمسة أسابيع بالنهار، وقال: ربِّ اجعل لهذا البيت عُمَّارًا يعمرونه من ذريتي، فأوحى الله جلَّ وعز أني معمره نبيًّا من ذريتك اسمه إبراهيم، أقضي على يده عمارته، وأنيط له سقايته، وأريه مواقفه، وأعلمه مناسكه"(١).
وفي "الدلائل" للبيهقي من حديث عبد الله بن عمرو مرفوعًا: "بعث
الله جبريل إلى آدم وحواء، فقال لهما: ابنيا لي بيتًا فخطه لهما جبريل، فجعل آدم يحفر وحواء تنقل، حتى أصابه الماء فنودي من تحت: حسبك يا آدم، فلمَّا بنيا أوحى الله إليه أن يطوف به، وقيل له: أنت أول الناس،
(١) أورده الديلمي في "الفردوس" ٣/ ٢٧٢ (٤٨١٥) مختصرًا، وكذا السيوطي في "الدر المنثور" ١/ ٢٤٥ مطولًا، وعزاه إلى الجندي والديلمي.