للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

واسطة يستحيل أن يكون بحرف أو صوت لكن يكون بخلقه تعالى للسامع علمًا ضروريًّا بثلاثة أمور: (بالمتكلم) (١) وبأن ما سمعه كلامه وبمراده من كلامه، والقدرة الأزلية لا تقتصر عن اضطرار النبي والملك إلى العلم بذلك. وكما أن كلامه تعالى ليس من جنس كلام البشر فسماعه الذي يخلقه لعبده ليس من جنس سماع الأصوات، ولذلك عسر علينا فهم كيفية سماع موسى -عليه السلام- لكلامه تعالى الذي ليس بحرف ولا صوت كما يعسر عَلَى الأكمه كيفية إدراك البصر للألوان، أما سماعه - صلى الله عليه وسلم - فيحتمل أن يكون بحرف وصوت دال عَلَى معنى كلام الله.

والمسموع الأصوات الحادثة، وهي فعل الملك دون نفس الكلام، ولا يكون هذا سماعًا لكلام الله تعالى من غير واسطة، وإن كان يطلق عليه أنه سماع كلام الله تعالى، وسماع الأمة من الرسول كسماع الرسول من الملك، وطريق الفهم فيه تقديم المعرفة بوضع اللغة التي يقع بها المخاطبة (٢).


(١) في الأصول: للمتكلم، والصواب ما أثبتناه كما في "عمدة القاري" ١/ ٤٥ وهو الموافق للسياق.
(٢) مذهب أهل السنة والجماعة أن الكلام صفة من صفاته تعالى، ليس شيئًا بائنًا منه مخلوقًا، فهو يتكلم بكلام حقيقي، متى شاء، كيف شاء، بما شاء، بحرف وصوت لا يشبه أصوات المخلوقين.
قال شيخ الإسلام كما في "مجموع الفتاوى" ١٢/ ٢٤٣ - ٢٤٤: والصواب الذي عليه سلف الأمة -كالإمام أحمد والبخاري وغيره وسائر الأئمة قبلهم وبعدهم- اتباع النصوص الثابتة، وإجماع السلف، وهو أن القرآن جميعه كلام الله، حروفه ومعانيه، ليس شيء من ذلك كلامًا لغيره؛ ولكن أنزله على رسوله، وليس القرآن اسمًا لمجرد المعنى، ولا لمجرد الحرف، بل لمجموعهما، وكذلك سائر الكلام ليس هو الحروف فقط؛ ولا المعاني فقط، كما أن الإنسان المتكلم =