للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وحكى القرافي خلافًا للعلماء في ابتداء الوحي هل كان جبريل -عليه السلام- ينقل له ملك عن الله تعالى أو يخلق لَهُ علم ضروريًّا بأن الله تعالى طلب منه أن يأتي محمدًا وغيره من الأنبياء بسور كذا، أو خلق له علمًا ضروريًا بأن يأتي اللوح المحفوظ فينقل منه كذا.

الثاني: قوله - صلى الله عليه وسلم -: ("أَحْيَانًا يَأْتِيني مِثْلَ صَلْصَلَةِ الجَرَسِ") الأحيان: الأوقات جمع حين يقع عَلَى القليل والكثير، قَالَ تعالى: {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا} [الإنسان: ١]، أي مدة من الدهر والصلصلة -بفتح الصادين المهملتين-: الصوت المتدارك الذي لا يفهم أول وهلة، قَالَ الخطابي: يريد أنه صوت متدارك يسمعه ولا ينتبه أول ما يقرع سمعه حتَّى يفهمه من بَعدُ (١).

قيل: الحكمة في ذَلِكَ أن يتفرغ سمعه، ولا يبقى فيه مكان لغير صوت الملك ولا في قلبه (٢)، وكذلك قَالَ المهلب يعني قوة صوت الملك الوحي ليشغله عن أمور الدنيا، وتفرغ حواسه فلا يبقى في سمعه ولا في قلبه مكان لغير صوت الملك.


= الناطق ليس هو مجرد الروح، ولا مجرد الجسد، بل مجموعهما، وأن الله تعالى يتكلم بصوت. كما جاءت به الأحاديث الصحاح، وليس ذلك كاصوات العباد، لا صوت القارئ ولا غيره. وأن الله ليس كمثله شيء، لا في ذاته، ولا في صفاته، ولا في أفعاله، فكما لا يشبه علمه وقدرته وحياته علم المخلوق وقدرته وحياته فكذلك لا يشبه كلامه كلام المخلوق، ولا معانيه تشبه معانيه، ولا حروفه تشبه حروفه، ولا صوت الرب يشبه صوت العبد، فمن شبه الله بخلقه فقد ألحد في أسمائه وآياته، ومن جحد ما وصف به نفسه فقد ألحد في أسمائه وآياته. اهـ.
(١) "أعلام الحديث" للخطابي ١/ ١٢١.
(٢) "شرح النووي على مسلم" ١٥/ ٨٨.