للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والاستقسام: ما قسم له من أَمر يزعمه، وقيل: كان إذا أراد أحدهم أمرًا أدخل يده في الوعاء الذي فيه الأزلام، فأخرج منها زلمًا وعمل بما عليه (١)، وقيل: الأزلام: حصى أبيض كما نوا يضربون بها (٢)، والاستقسام استفعال من قسم الرزق والحاجات، وذلك طلب أحدهم بالأزلام عَلَى ما قَسم له في حاجته التي يلتمسها من نجاح أو حرمان، فأبطل الرب تعالى ذَلِكَ من فعلهم، وأخبر أنه فسق؛ لأنهم كانوا يستقسمون عند آلهتهم التي يعبدونها، ويقولون: يا إلهنا، أخرج الحق في ذَلِكَ، ثم يعملون بِمَا خرج فيه، فكان ذَلِكَ كُفرًا بالله تعالى؛ لإضافتهم ما يكون من ذَلِكَ من صَواب، أو خطأ إلى أنهُ قسم آلهتهم (٣).

فأخبر الشارع عن إبراهيم، وإسماعيل أنهما لم يكونا يستقسمان بالأزلام، وإِنَّما كانا يفوضان أمورهما إلى الله الذي لا يخفَى عليه علم ما كان وما هو كائن؛ لأن الآلهة لا تضر ولا تنفع، ولذلك قَالَ - صلى الله عليه وسلم -: "لقدْ علموا أنهما لم يستقسما بها قط"؛ لأنهم قد علموا أنَّ آباءهم أحدثوها، وكان فيهم بقية من دين إبراهيم، منهُ: الخِتان، وتحريم ذوات المحارم، إلا امرأة الأب، والجمع بين الأختين.

وقال ابن التين: الأزلام: قداح، وهي أعواد نحتوها، وكتبوا في

إحديهما: افعل، وفي الأخرى: لا تفعل، ولا شيء في الآخر. فإن خرجا فقد سلف، وإِنْ خرج الثالث أعاد الضرب حَتَّى يخرج له افعل، أو لا تفعل.


(١) انظر: "الصحاح" ٥/ ٢٠١٢. و"النهاية في غريب الحديث" ٤/ ٦٣.
(٢) انظر: "الصحاح" ٥/ ١٩٤٣. "لسان العرب" ٦/ ١٨٥٧ - ١٨٥٨.
(٣) "النهاية في غريب الحديث" ٤/ ٦٣. و"لسان العرب" ٦/ ٣٦٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>