قَالَ: وكانت سبعة عَلَى صيغة واحدة مكتوب عليها: لا، نعم، منهم، من غيرهم، ملصق، العقل، فضل العقل. وكانت بيد قيم الأصنام، وهو السادن، وكانوا إذا أرادوا خروجًا، أو تزويجًا، أو حاجة أتى المُريد بمائة درهم فدفعها إلى السادن، فيسأل الصنم أن يوضح لهم ما يعمل عليه مِنْ مَقام أو خروج، فيضرب له بذينك السهمين الذين عليهما: نعم، ولا، فإِن خرج نعم ذَهب لحاجته، وإِنْ خرج لا كفَّ عنها، وإِنْ شكُّوا في نسب رجل أتوا به دار الأصنام، فضرب عليها بتلك الثلاثة التي هي: منهم، من غيرهم، ملصق. فما خرج فحكمه عَلَى السهم، فإِنْ خرج: منهم. كان من أوسطهم نسبًا،
وإن خرج: من غيرهم. كان حليفًا، وإن خرج: مُلصق. لَمْ يكن له نسب، ولا حلف.
وكانوا، إذا جنى أحدهم جناية فاختلفوا عَلَى من العقل، ضربوا عليه. فإن خرج العقل عَلَى مَنْ ضرب عليه، عَقَل وبرئ الآخرون.
وكانوا إذا عَقلوا العقل، وفضل الشيء منهُ واختلفوا فيه، فأتوا السادن فضرب، فعلى مَنْ وَجب أداه، فهذا هو الاستقسام.
وفي "الجامع": أتى المُريد لحاجته بمائة درهم يدفعها إلى السادن إلى آخر ما سَلف.
قَالَ: فأما ما تفعله العرب من رمي السِّهام عَلَى الشيء الذي يتشاح عليه، فليس من هذا، وهو مُباح.
قَالَ تعالى:{وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ}[آل عمران: ٤٤] لأنهم تشاحوا عليها، فألقوا عَلَى ذَلِكَ سهامًا، فخرج سهم زكريا، فهذا وأمثاله مُباح، والمحظور ما كانوا يرون من فعل الصَّنم.