للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تأخيره أفضل، وقد فعل ذَلِكَ ابن الزبير، أهلَّ لما أهلَّ هلال ذي الحجة، ثم طاف وسعى وخرج، وأجازه القاسم بن محمد، وقال عطاء: منزلة من جاور بمنزله أهل مكة إن أحرم أول العشر، طاف حين يحرم، وإن أخَّرَ إلى يوم التروية أَخَّر الطواف إلى يوم النحر.

واختلفوا فيمن قَدم مكة فلم يطف حَتَّى أتى منى، فقالت طائفة: عليه دم، هذا قول أبي ثور، واحتج بقول ابن عباس: من ترك من نسكه شيئًا فليهرق لذلك دمًا. وحكى أبو ثور عن مالك أنه يجزئه طواف الزيارة لطواف الدخول والزيارة والصدر (١)، وحكى غيره عن مالك أنه إن كان مراهقًا فلا شيء عليه، فإن دخل غير مراهق فلم يطف حَتَّى مضى إلى عرفات، فإنه يهريق دمًا؛ لأنه فرط في الطواف حين قدم حَتَّى أتى إلى عرفات (٢)، وقال أبو حنيفة والشافعي وأشهب: لا شيء عليه إن ترك طواف القدوم (٣).

قَالَ ابن المنذر: أجمع أهل العلم عَلَى أن من ترك طواف القدوم وطاف للزيارة، ثم رجع إلى بلده، أن حجه تام، ولم يوجبوا عليه الرجوع كما أوجبوه عليه في طواف الإفاضة، فدل إجماعهم عَلَى ذَلِكَ أن طواف القدوم ليس بفرض، وفي وجهٍ بعيد عندنا: أنه يلزمه بتركه دم، فإن آخره ففي فواته وجهان حكاهما إمام الحرمين؛ لأنه يشبه تحية المسجد، وكان ابن عمر، وسعيد بن جبير ومجاهد والقاسم بن محمد لا يرون باسًا إذا طاف الرجل أول النهار أن يؤخر


(١) "المدونة" ١/ ٣١٧.
(٢) "المدونة" ١/ ٢٩٨.
(٣) "المبسوط" ٤/ ٣٤، "البناية" ٤/ ٨١، "البيان" ٢/ ٢٧٣، "المجموع" ٨/ ١٥، ١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>