غفران ذنوبه، والتجاوز عن سيئاته، ويشغل نفسه بذلك وخواطره، ويترك أمور الدنيا، كما فعل ابن عمر حين خطب إليه عروة بن الزبير ابنته في الطواف، فلم يرد عليه كلامًا، فلما جاء إلى المدينة لقيه عروة، فقال له ابن عمر: أدركتني في الطواف، ونحن بمرأى من الله بين أعيننا؛ فذلك الذي منعني أن أرد عليك. ثم زوَّجه (١).
والذي سأل عروة باب من أبواب المباح فأبى ابن عمر أن يجيبه تعظيمًا لله، إذ هو طائف ببيته الحرام.
تنبيه: في قطعه - عليه السلام - السير من يد الطائف من الفقه أنه يجوز للطائف فعل ما خف من الأفعال، وأنه إذا رأى منكرًا فله أن يغيره بيده، وإنما قطعه -والله أعلم- لأن القَوْد بالأزِمَّة إنما يفعل بالبهائم، وهو مُثلةٌ.
وفيه: أن من نذر ما لا طاعة فيه، لا يلزمه. ذكره الداودي، واعترضه ابن التين فقال: ليس هنا نذر ذلك، وغفل أنه ذكره في النذور، كما أسلفناه، قَالَ: وظاهره أنه كان ضرير البصر، وأنه فعله لذلك؛ لأنه قَالَ:"قده بيده". والسير: الشراك.
فرع:
يجوز له إنشاد الشعر والرجز في الطواف إذا كان مباحًا، قاله الماوردي، واستشهد له بشواهد، وتبعه صاحب "البحر".
فرع:
يُكره له أيضًا البيع والشراء فيه إلا لحاجة.
(١) رواه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" ٤/ ١٦٧ - ١٦٨، والفاكهي في "أخبار مكة" ١/ ٢٠٤ (٣٣٩).