أبي مليكة وخلقًا. وعنه قتيبة ومحمد بن رمح وعيسى زُغْبة (١)، وخلائق من التابعين وغيرهم، ومنهم: محمد بن عجلان، وهو من كبار التابعين، ومن شيوخه.
وإمامته وبراعته وجلالته وحفظه وإتقانه وجوده وإفضاله وورعه وعبادته مجمع عليه، وغير ذَلِكَ من المحاسن والمكارم، ووصفه الشافعي بكثرة الفقه، إلا أنه ضيعه أصحابه -يعني: لم يعتنوا بكتبه ونَقْلِها والتعليق عنه- ففات الناس معظم علمه، وكان دَخْلُه في السنة ثمانين ألف دينار وما وجبت عليه زكاة قط، ولمّا قَدِمَ المدينة أهدى لَهُ مالك من طرفها، فبعث إليه ألف دينار.
قَالَ يحيى بن بكير: كان الليث أفقه من مالك، ولكن كانت الحظوة لمالك، ورأيت من رأيت فما رأيت مثل الليث، كان فقيه البدن، عربي اللسان، يحسن القرآن، ويحفظ الحديث والنحو والشعر، حسن المذاكرة، ومازال يعقد خصالًا جميلة حتَّى عقد عشرة.
وقال ابن وهب: ما كان في كتب مالك: أخبرني من أرضى من أهل العلم فهو الليث.
وقال أيضًا: لولا أن الله أنقذني به وبمالك لضللت.
وقال أحمد: كان كثير العلم، صحيح الحديث، ما في هؤلاء المصريين أثبت منه، ما أصح حديثه!
وقال أحمد بن صالح: الليث إمام أوجب الله تعالى علينا حقه.
(١) هو عيس بن حماد زُغْبة، وهو آخر من حدث عنه من الثقات. انظر: "تهذيب الكمال" ٢٤/ ٢٦٠.