للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقوله: {وَسَيِّدًا وَحَصُورًا} [آل عمران: ٣٩] ويُقال: إنه المحصر عن النساء لأنها علة، وليس بممنوع محبوس، وعلى هذا فابنِ. قَالَ الرماني (١) في "اشتقاقه": الأصل فيه الحبس، ومعنى {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ}: منعتم من علة أو عائق. وذكر الزجاج في "معانيه": أن الرواية عن أهل اللغة أنه يُقال للذي يمنعه خوف أو مرض من التصرف: أحصر فهو محصر، وللرجل الذي حبس: حصر فهو محصور.

ورد كلام الفراء وقال: الحق فيه ما عليه أهل اللغة؛ لأن الممنوع من التصرف حبس نفسه، فكأن المرض أحبسه أي: جعله يحبس نفسه، وتقول: حصرتُ فلانًا، إنما هو حبسته لا أنه حبس نفسه، فلا يجوز فيه أحصر، والتي هذا ذهب ثعلب وشراحه، وفي "نوادر اليزيدي": حصرني الشيء، وأحصرني: حبسني، لغة بني أسد.

وقال أبو عبيدة، عن يونس: حصرته وأحصرته لغتان، قَالَ: ولم نجد أحصرته.

وكان أبو عمرو بن العلاء يقول: إذا حبسته عن الذهاب في كل وجهٍ فقد حصرته، وإن حبسته عن المتقدم خاصةً فقد أحصرته.


(١) هو العلامة أبو الحسن، علي بن عيسى الرماني النحوي المعتزلي، أخذ عن الزجاج وابن دريد، صنف في التفسير واللغة والنحو والكلام، وشرح "كتاب سيبويه" شرحًا كبيرًا، وله كتاب "الاشتقاق"، وكتاب "التصريف"، وكان مع اعتزاله يتشيع ويقول: علي أفضل الصحابة.
كان أبو حيان التوحيدي يبالغ في تعظيم الرماني حتى قال: إنه لم ير مثله قط علمًا بالنحو وغزارة في الكلام توفي -غفر الله له- في جمادى الأولى من سنة أربع وثمانين وثلاثمائة، عن ثمان وثمانين سنة.
انظر ترجمته في: "تاريخ بغداد" ١٢/ ١٦، "وفيات الأعيان" ٣/ ٢٩٩، "تاريخ الإسلام" ٢٧/ ٨٢، "سير أعلام النبلاء" ١٦/ ٥٣٣ (٣٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>