للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

واتفق جمهور العلماء عَلَى أنه لا يجزئ بغير طهارة كالصلاة (١)، وخالف ذَلِكَ أبو حنيفة كما أسلفته هناك، فقال: إن طاف بغير طهارة فإن أمكنه إعادة الطواف أعاده، وإن رجع إلى بلده جبره بالدم (٢)، وحجة الجماعة هذا الحديث، وفعله للوجوب إلا أن تقوم دلالة، وأيضًا فإن فعله خرج مخرج البيان لقوله تعالى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالبَيْتِ العَتِيقِ} [الحج: ٢٩]؛ لأن الطواف مجمل يحتاج إلى بيان صفته؛ لأنه يقتضي طوفة واحدة، وقد تقدم تسميته صلاة، وقد يكون في الشرع صلاة لا ركوع فيها ولا سجود كصلاة الجنازة، لا يقال: فينبغي أن يكون لها تحريم وتسليم، لأنه ليس كل ما كان صلاة يحتاج إلى ذَلِكَ؛ لأن كثيرًا من الناس من يقول في سجود السهو أنه صلاة ولا يحتاج إلى ذَلِكَ، وكذلك سجود التلاوة إذا كان في صلاة.

وحديث صفية لما حاضت فقال: "أحابستنا هي؟ " فقيل: قد أفاضت، فقال: "فلا إذًا" (٣) حجة لنا؛ فلو كان الدم يقوم مقام طوافها بغير طهارة لكان - صلى الله عليه وسلم - لا يحتاج أن يقيم هو وأصحابه إلى أن تطهير ثم تطوف.

فإن قلت: إن الطواف -أعني: طواف الزيارة- لا يصح الحج إلا به، فلا يحتاج إلى طهارة كالوقوف بعرفة.


(١) انظر: "الا ستذكار" ١٢/ ١٧١.
(٢) "المبسوط" ٤/ ٣٨، "بدائع الصنائع" ٢/ ٣٨.
(٣) سيأتي برقم (١٧٥٧) كتاب: الحج، باب: إذا حاضت المرأة بعد ما أفاضت،
ورواه ومسلم (١٢١١) كتاب: الحج، باب: وجوب طواف الوداع وسقوطه عن الحائض.

<<  <  ج: ص:  >  >>