للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الرابع: في هذا تصريح من عائشة رضي الله عنها بأن رؤيا النبي - صلى الله عليه وسلم - من جملة أقسام الوحي، وهو محل وفاق.

الخامس: قولها: (مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ): مثل: منصوب عَلَى الحال أي: جاءت الرؤيا مشبهة فلق الصبح أي: ضياءه إِذَا أنفلق وانماز عن ظلام الليل، وذلك حتَّى يتضح فلا يشك فيه. قَالَ أهل اللغة والغريب: فَلَق الصبح وفَرَقه -بفتح أولهما وثانيهما- ضياؤه. أي: إنارته واضاءته وصحته، وإنما يقال هذا في الشيء الواضح البين، يقال: هو أبين من فلق الصبح، وقال ابن عباس في قوله تعالى: {فَالِقُ الْإِصْبَاحِ} [الأنعام: ٩٦]: ضوء الشمس بالنهار وضوء القمر بالليل، حكاه البخاري في كتاب التعبير عنه (١) وإنما عبرت عن صدق الرؤيا بفلق الصبح ولم تعبر بغيره؛ لأن شمس النبوة كان مبادئ أنوارها الرؤيا، إلى أن تم برهانها وظهرت أشعتها.

السادس: قولها: (ثُمَّ حُبِّبَ إِلَيْهِ الخَلَاءُ) هو بالمد أي: الخلوة، وهو شأن الصالحين، والحب: الميل. قَالَ الخطابي (٢): إنما حبب إليه الخلوة؛ لأن معها فراغ القلب، وهي معينة عَلَى الفكر، والبشر


(١) سيأتي معلقًا بعد حديث (٦٩٨٢) باب: أول ما بُدِئَ به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الوحي الرؤيا الصالحة، ووصله الطبري في "تفسيره" ٥/ ٢٧٨ (١٣٦٠٣)، ابن أبي حاتم في "تفسيره" ٤/ ١٣٥٣ (٧٦٧٠).
(٢) هو أبو سليمان، أحمد بن محمد بن إبراهيم بن خطاب البستي الخطابي صاحب التصانيف، الإمام العلامة، ولد سنة بضع عشرة وثلاثمائة وله "شرح أسماء الله الحسنى"، "معالم السنن"، "أعلام الحديث"، وتوفي في شهر ربيع الآخر سنة ٣٨٨ هـ.
انظر ترجمته في: "وفيات الأعيان" ٢/ ٢١٤، "سير أعلام النبلاء" ١٧/ ٢٣ (١٢)، "تذكرة الحفاظ" ٣/ ١٠١٨، "شذرات الذهب" ٣/ ١٢٧.