للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وهو دين إبراهيم عليه السلام (١). وقال المازري وغيره: يتحنث: يفعل فعلًا يخرج به من الحنث، والحنث: الذنب كما أسلفناه ومثله: تَحَرَّجَ، وَتَأَثَّمَ، وتَحَوَّبَ، إِذَا ألقى ذَلِكَ عن نفسه، وفعل فعلًا يخرج به (عن) (٢) الحرج والإثم والحوب، ومنه قوله: فأخبر بها معاذ عند موته تأثمًا (٣)، ومنهم من ألحق بها تهجد إِذَا خرج من الهجود -وهو النوم- بالصلاة، كما يقال: تحنث إِذَا احتنثه وتنجس إِذَا فعل به فعلًا يخرج به من النجاسة.

وهذِه الأفعال التي ذكرت جاءت مخالفة لسائر الأفعال؛ لأن غيرها من الأفعال إنما يكون بفعل فيه بمعنى: تكسب، لا بمعنى ألقى، وكذا قَالَ السهيلي: التحنث: التبرر، تفعُّل من البر، وتفعل يقتضي الدخول في الشيء وهو الأكثر فيها مثل: تَفَقَّه وتَعَبَّد وتَنَسَّك، وقد جاءت ألفاظ يسيرة تعطي الخروج عن الشيء وإطراحه، كالتأثم والتحرج والتحنث بالثاء المثلثة؛ لأنه من الحنث، والحنث: الحمل الثقيل وكذلك التقذر إنما هو تباعد عن القذر، وأما التحنف بالفاء فهو من باب التبرر؛ لأنه من الحنيفية دين إبراهيم، وإن كانت الفاء مبدلة من الثاء فهو من باب التقذر والتأثم، وهو قول ابن هشام (٤)، كما سلف.

وقال أبو المعالي (٥) في "المنتهى": تحنث: تعبد مثل: تحنف،


(١) لم نقف عليه في كتابه "تصحيفات المحدثين".
(٢) في (ج): من.
(٣) سيأتي برقم (١٢٨) كتاب: العلم، باب: من خص بالعلم قومًا دون قوم كراهية أن لا يفهموا، ورواه مسلم (٣٢) كتاب: الإيمان، باب: الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة قطعًا. كلاهما من حديث أنس.
(٤) "الروض الأنف" للسهيلي ١/ ٢٦٧.
(٥) هو محمد بن تميم البرمكي أبو المعالي اللغوي، له كتاب "المنتهى في الفروع" وهو منقول من "الصحاح" وزاد عليه أشياء قليلة وأغرب في ترتيبه، ذكر أنه صنفه =