للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

واختلف أهل العلم في هدي التطوع إذا عطب قبل محله، فقالت طائفة: صاحبه ممنوع من الأكل منه، روي ذَلِكَ عن ابن عباس، وهو قول مالك، وأبي حنيفة، والشافعي، ورخصت طائفة (١) في الأكل منه، روي ذَلِكَ عن عائشة، وابن عمر (٢).

وأما حديث الباب فهو مجمل كالآية، وفيه: جواز الأكل من الهدي دون تخصيص نوع منه بالمنع.

وقول جابر: (كنا لا نأكل من لحوم بدننا فوق ثلاث منى)، فقال النخعي: وكان المشركون لا يأكلون من ذبائحهم فأبيح للمسلمين الأكل منها (٣)، وإنما منعوا من ذَلِكَ في أول الإسلام من أجل الدافَّة (٤)، فلما زالت العلة الموجبة لذلك أمرهم أن يأكلوا ويدخروا.

واختلف في مقدار ما يؤكل منها ويتصدق: فذكر علقمة أن ابن مسعود أمره أن يتصدق بثلثه ويأكل ثلثه ويهدي ثلثه (٥)، وروي عن عطاء وهو قول الشافعي، وأحمد، وإسحاق (٦).


(١) انظر: "البناية" ٤/ ٤٥٨، "الاستذكار" ١٢/ ٢٨١، "الذخيرة" ٣/ ٣٦٠، "البيان" ٤/ ٤١٧، "أسنى المطالب" ١/ ٥٣٤.
(٢) انظر: "المغني" ٥/ ٤٤٥.
(٣) رواه الطبري ٩/ ١٥٦ (٢٥٢١٥).
(٤) الدَّافَّة: القوم يسيرون جماعة سيرًا ليس بالشديد. "النهاية في غريب الحديث" ٢/ ١٢٤.
(٥) رواه ابن أبي شيبة ٣/ ١٧٠ (١٣١٨٨).
(٦) وهو قول الشافعي في الجديد، وقوله في القديم: (يأكل النصف ويتصدق بالنصف) لقوله تعالى: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا البَائِسَ الفَقِيرَ}. انظر "البيان" ٤/ ٤٥٥، "مسائل الإمام أحمد برواية الكوسج" ١/ ٦١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>