ورواه مالك ١/ ٤٣٦ (١١٠٤) من طريق هشام، عن أبيه، ليس فيه ذكر عائشة، فوقع هكذا مرسلًا. قال ابن القيم رحمه الله: لم يتكلم المنذري على هذا الحديث، وهو وهم، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يعتمر في شوال قط، فإنه لا ريب أنه اعتمر عمرة الحديبية، وكانت في ذي القعدة، ثم اعتمر من العام القابل عمرة القضية، وكانت في ذي القعدة، ثم غزا غزاة الفتح ودخل مكة غير محرم، ثم خرج إلى هوازن وحرب ثقيف، ثم رجع إلى مكة فاعتمر من الجعرانة وكانت في ذي القعدة، ثم اعتمر مع حجته عمرة قرنها بها وكان ابتدائها في ذي القعدة، وسيأتي حديث أنس بعد هذا في أن عمره - صلى الله عليه وسلم - كلها كانت في ذي القعدة، وقد روى مالك في "الموطأ" عن هشام بن عروة عن أبيه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يعتمر إلا ثلاثًا، إحداهن في شوال، واثنتين في ذي القعدة، وهذا مرسل عند جميع رواة "الموطأ"، قال ابن عبد البر: وقد روي مسندًا عن عائشة، وليس رواته مسندًا ممن يذكر مع مالك في صحة النقل. وقال ابن شهاب: اعتمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاث عمر، اعتمر عام الحديبية، فصده الذين كفروا في ذي القعدة سنة ست، واعتمر من العام المقبل في ذي القعدة سنة سبع، آمنًا هو وأصحابه، ثم اعتمر العمرة الثالثة في ذي القعدة سنة ثمان، حين أقبل من الطائف من الجعرانة، فإن كان هذا محفوظًا عن عائشة، فلعله عرض لها في ذلك ما عرض لابن عمر من قوله: إنه اعتمر في رجب، وإن لم يكن محفوظًا عن عائشة كان الوهم من عروة أو من هشام، والله أعلم، إلا أن يعمل على أنه ابتدأ إحرامها في شوال، وفعلها في ذي القعدة فتتفق الأحاديث كلها. والله أعلم اهـ "مختصر سنن أبي داود" ٢/ ٤٢٣ - ٤٢٤ بتصرف. وقال في "زاد المعاد" ٢/ ٩٧ - ٩٨: هذا الحديث وهم، وإن كان محفوظًا عنها، فإن هذا لم يقع قطُّ، فإنه اعتمرَ بلا ريب: العمرةُ الأولى كانت في ذي القعدة عُمرة الحديبية، ثم لم يعتمِرْ إلى العام القابل، فاعتمر عُمرة القضية في ذي القَعدة، ثم رجع إلى المدينة ولم يخرُج إلى مكة حتى فتحها سنةَ ثمان في رمضان، ولم يعتمِرْ ذلك العام، ثم خرج إلى حُنين في ست من شوال وهزم الله أعداءه، فرجع إلى مكة، وأحرم بعُمرة، وكان ذلك في =