للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والحجة في السنة لا في خلافها، وقد أسلفنا أن الأظهر عند الشافعي: أن الحلق ركن فيها (١)، واحتج الطبري بحديث أبي موسى على من زعم أن المعتمر يحل من عمرته إذا أكمل عمرته، ثم جامع قبل أن يحلق أنه مفسد لعمرته، فقال: ألا ترى قوله - عليه السلام - لأبي موسى: "طف بالبيت وبين الصفا والمروة، وحل"، ولم يقل: طف بالبيت وبين الصفا والمروة، وقصر من شعرك أو احلق ثم أحل. فبين بذلك أن الحلق والتقصير ليسا من النسك، وإنما هما من معاني الإحلال، كما إن لبس الثياب والطيب بعد طواف المعتمر بالبيت، وسعيه من معاني إحلاله، وكذلك من إحلاله من إحرامه بعد رميه جمرة العقبة لا من نسكه، فتبين فساد قول من زعم أن المعتمر إذا جامع قبل الحلق بعد طوافه وسعيه أنه مفسد عمرته وهو قول الشافعي (٢).

قال ابن المنذر: ولا أحفظ ذَلِكَ عن غيره. وقال مالك والثوري والكوفيون: عليه الهدي. وقال عطاء: يستغفر الله ولا شيء عليه.

قال الطبري: وفي حديث أبي موسى بيان فساد قول من قال: إن المعتمر إن خرج من الحرم قبل أن يقصر أنَّ عليه دمًا، وإن كان قد طاف وسعى قبل خروجه منه.

وفيه أيضًا أنه - عليه السلام - إنما أذن لأبي موسى بالإحلال من عمرته بعد الطواف والسعي، فبان بذلك أن من حل منهما قبل ذَلِكَ فقد أخطأ، وخالف السنة، واتضح به فساد قول من زعم: أن المعتمر إذا دخل الحرم فقد حل، وله أن يلبس ويتطيب، ويعمل ما يعمله الحلال،


(١) انظر: "روضة الطالبين" ٣/ ١٠١.
(٢) انظر: "روضة الطالبين" ٣/ ١٠٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>